مجلس النواب

رغم تحفظ جميع جهات المعنية، تمسكت لجنة الخدمات بمجلس النواب بإلغاء المادة الثامنة من المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 1995 بشأن حماية الآثار، والتي تنص على أنه «لا يجوز منح رخص البناء والترميم في الأماكن القريبة من المواقع الأثرية والأبنية التاريخية إلا بعد الحصول على موافقة الجهة المختصة بالآثار لضمان إقامة المباني الحديثة على النسق الملائم للطابع الأثري، وفي حالة ترميم المساجد وصيانتها يكون ذلك بموافقة وزارة العدل والشؤون الإسلامية».

جاء ذلك في تقرير اللجنة المعروض على مجلس النواب في جلسته القادمة بشأن الاقتراح بقانون المقدّم من النائب إبراهيم خالد النفيعي، والذي يهدف إلى إشراك المجالس البلدية في قرار اعتبار أي عقار أو منقول أثراً في حال وجود مصلحة وطنية من حفظه وصيانته دون التقيد بالحد الزمني الوارد في المادة (2) من المرسوم بقانون، مشيرا إلى إلغاء المادة (8) من المرسوم بقانون المذكور؛ لمراعاة عدم تأخر مصالح المواطنين في تراخيص البناء والترميم والهدم للمناطق التي تقع في نطاق المادة المذكورة

ونص الاقتراح في المادة الثانية أنه «يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناءً على عرض رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار وأيّ من المجالس البلدية أو مجلس أمانة العاصمة أن يعتبر لأسباب فنية أو تاريخية أيّ عقار أو منقول أثراً إذا كانت للدولة مصلحة وطنية في حفظه وصيانته، وذلك دون التقيّد بالحد الزمني الوارد في هذه المادة».

كما نص أيضا في المادة 52 أنه «يكون للموظفين الذين يخوّلهم وزير العدل بالاتفاق مع رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار صفة مأموري الضبط القضائي وذلك بالنسبة للجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام القانون في دوائر اختصاصهم وتكون متعلقة بأعمال وظائفهم. وتحال المحاضر المحررة بالنسبة لهذه الجرائم إلى النيابة العامة بقرار من رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار».

من جانبها تحفظت هيئة البحرين للثقافة والآثار على التعديلات المقترحة وذلك للحفاظ على القيم التراثية والأثرية التي تنفرد بها مملكة البحرين، والتي يصونها القانون المذكور ضمن بنوده، مشددة على أن فكرة إشراك المجلس البلدي في المسؤوليات المتعلقة بالتعيين وتحديد الأثر التاريخي مع رئيس مجلس الوزراء لا يبدو أمراً ملائماً، حيث إن الجهة المعنية بالآثار هي «هيئة البحرين للثقافة والآثار».

وتمسكت الهيئة بعدم الموافقة على إلغاء المادة (8) من المرسوم بقانون؛ حتى لا تضيع قيمة المحافظة على النسق والطابع الأثري المنصوص عليها في المادة.

وحول توفير إحصائية عن عدد المنازل المهجورة أو أي عقار أثري أو تاريخي لكل محافظة في مملكة البحرين، قالت هيئة الثقافة والآثار إن المباني المهجورة وحالة الإشغال لتلك المباني ليست من صلاحيات واختصاص الهيئة، وإنما دورها وفقاً للمسؤوليات والمهام المنوطة بها ضمن هذا الشأن هو تقييم وتحديد القيمة المعمارية والتاريخية والفنية والثقافية للمباني التاريخية بكافة تصنيفاتها، بغض النظر عن حالة الإشغال وعما إذا كانت تلك المباني مأهولة أم لا.

وأشارت الهيئة إلى أن اشتغالها على إدارة وحماية المدن التاريخية وهويتها وملامحها لا ينحاز إلى مبانٍ بعينها، بل يأتي ضمن سياق اشتغال حقيقي يشمل نطاق حماية معينة، تم تحديدها بناء على دراسات متخصصة قام بها فريق العمل الهندسي، تنفيذاً للقرارات الصادرة من مجلس الوزراء.

ولفتت إلى أن المختصين في الهيئة عملوا على تطوير الاشتراطات التنظيمية والأساليب الحفاظية بما يتماشى مع قانون حماية الآثار والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مملكة البحرين، بالإضافة إلى تحديد المناطق التراثية والأثرية ونطاقات الحماية ودرجة أهميتها، أما المباني التي تقع خارج نطاق حماية تلك المواقع أو المدن التاريخية، فهي جميعها مدرجة على قائمة التراث الوطني من أجل صونها وحمايتها طبقاً للمادتين (1) و (2) من القانون المذكور.

وشددت الهيئة على أن تحديد الصفة الأثرية والتراثية والتاريخية لتلك المباني لا ينحصر فقط في تحديد مواد البناء أو العناصر المكونة للمبنى بل أيضا من الطراز التصميمي السياق والسياق الحضري وتوزيع الفراغات، والعلاقات ما بين المكونات المكانية والجغرافية وغيرها، مشيرة إلى أنها تسعى إلى الاعتناء بكل المكونات والتي تنسج مع تطور مفهوم التراث والرؤى التي تقع ضمن تصنيفات عدة، منها المعمار التراثي وهو الذي يعود إلى فترة الأربعينيات وما قبلها، يليه المعمار الانتقالي الذي يمتد حتى بداية الستينيات، وأخيرا التراث الحديث الذي يغطي الفترة ما بين الستينيات وصولا إلى أواخر الثمانينيات، وعليه فإن الإعداد لهذه الإحصائيات يتطلب جهودا من مجموعة من الخبراء والمختصين في هذا المجال.

وكشفت الهيئة عن أنها بدأت فعليا العديد من المشاريع التي تهيئ الفرصة لإعداد الإحصائيات والآليات التنسيقية اللازمة لإدارة مكونات التراث الحضري، كان آخرها بالتنسيق مع جامعة البحرين والجامعة الملكية للبنات، وذلك لدراسة القيمة التراثية المادية وغير المادية لجميع العقارات الواقعة ضمن نطاق الحماية لمدينة المنامة التاريخية، ولا يزال هذا المسح جاريا.

وأكدت هيئة الثقافة أنها تسعى بشكل دائم إلى إيجاد حلول حفاظية من أجل إعادة تأهيل المباني التاريخية واستثمارها وخصوصا أن الأضرار التي تلحق بتلك المباني واشتراطات السلامة والبيئة المعيشية لا ترتبط بنوع العقار، بل بطريقة التعامل معه، لذا فإن كل تقييم ودراسة تقوم بها الهيئة في هذا الشأن يقوم من خلالها فريق العمل الهندسي بتقييم العقار معماريا وإنشائيا ومن ناحية اشتراطات الأمان المعيشي وملاءمة الأدوار الوظيفية، مع الإشارة إلى طرق معالجة الأجزاء الإنشائية المتهالكة وتدعيمها، بالإضافة إلى السعي لإيجاد حلول تؤمن التصميم الملائم والإضافات المتاحة وأساليب إعادة تأهيل بما يضمن حق أصحاب تلك العقارات، وذلك في سياق ينسجم مع المتطلبات الوظيفية والمعيشية من دون التأثير على الحقوق والامتيازات المتاحة لهم.

ومن خلال جميع الآليات التنظيمية المتاحة تشتغل الثقافة على تلك المباني من خلال قسم تراخيص البناء، وتراخيص الأراضي، وتقديم الاستشارات الهندسية وخدمات المعاينة للمواطنين والجهات الرسمية، وتقدم خدمات التقييم والدعم الفني، بالإضافة إلى التعاون مع الجهات الرسمية ذات الصلة، علما بأن التوصيات تعالَج كلا على حدة، وفقاً لنتائج التقييم والمعاينة بما يتفق مع اللوائح والاشتراطات التنظيمية، وقد تنوعت التوصيات ما بين السماح بالهدم لبعض الحالات المتهالكة وطرح حلول الترميم ومعالجة وتدعيم الهياكل الإنشائية للمباني التاريخية واقتراح حلول تصميمية وهندسية للتعامل مع الوضع الراهن.

وطالب كل من «وزارة الأشغال وشؤون البلديات والتخطيط العمراني» ومجلس أمانة العاصمة والمجلس البلدي للمنطقة الشمالية والمجلس البلدي للمنطقة الجنوبية بالإبقاء على المادة رقم (8)؛ حيث إن هيئة الثقافة هي المختصة بالحفاظ على التراث والآثار في مملكة البحرين وتحديد المبادئ لضبط أعمال ومشروعات التخطيط الحضري والعمراني بالقرب من المواقع الأثرية والمباني التاريخية للحفاظ على الخصوصية والمفردات المعمارية والتراثية.

وطالبت جمعية تاريخ وآثار البحرين بالإبقاء على المادة (8) ثابتة في قانون الآثار، فهي تحدد تدخل هيئة البحرين للثقافة والآثار لإصدار تراخيص البناء والترميم في الأماكن القريبة من المواقع الأثرية والأبنية التاريخية فقط، مشيرة إلى ضرورة قيام الهيئة بإعداد خرائط مساحية دقيقة محدد عليها المواقع والمعالم الأثرية والمباني التراثية في عموم مناطق مملكة البحرين (في المدن والقرى)، على أن تنشر تلك الخرائط في الجريدة الرسمية وتوزع على المجالس البلدية ومحافظات المملكة، كما دعت إلى تشكيل لجان أهلية في كل مناطق مملكة البحرين التي تحتوي على مواقع أثرية أو معالم تراثية للمشاركة في الصيانة والمراقبة والإدارة على أن تكون على علاقة مباشرة مع هيئة الثقافة والآثار، ويتم اختيار أعضاء اللجان من قبل المجالس البلدية والهيئات والجمعيات الثقافية الموجودة في كل منطقة ويكون العمل والمشاركة في اللجان عملاً تطوعياً.

قد يهمك ايضاً

اتفاق يمني – أميركي وشيك وجهود مُكثَّفة لحماية الآثار ومنع الاتجار بها

شارع المعز لدين الله الفاطمي يعتبر متحفًا للآثار الإسلامية