يصدر قريباً عن دار اكتب للنشر والتوزيع كتاب تحت عنوان "رئيس الفرص الضائعة مرسى بين مصر والجماعة" للدكتور ياسر ثابت وصمم الغلاف محمد كامل. وجاء فى أجواء الكتاب عن أفكار وحقائق ربما غامت أو غابت، فى عام الفرص الضائعة، الذى شهد رئاسة محمد مرسى لمصر. لقد أدار مرسى ظهره لوعودٍ أبرمها مع القوى الوطنية التى ساندته حتى انتُخِبَ رئيسـًا لمصر، واختار تمرير أجندة الجماعة على حساب مصلحة مصر العليا، وواصل بأخطائه الجسيمة حفر فجوة عميقة بينه وبين عامة المواطنين، مرة تلو الأخرى، حتى استنفد مرات الرسوب. وفى فترة زمنية قصيرة، أهدر مرسى الفرصة التاريخية التى أتيحت له ولجماعته للمشاركة فى حُكم مصر بجبهة وطنية عريضة تعمل على إعادة مصر إلى موقعها الطبيعى فى قيادة أمتها العربية وفى دورها الريادى الذى تستحقه فى محيطها. توهم قادة جماعة الإخوان المسلمين بعد وصولهم إلى السلطة بمصادفةٍ قدرية أن مصر دانت لهم، ونسوا أن صندوق الانتخابات ليس المنتهى فى الديمقراطية، وأنه ليس أكثر من فاتحة تتلوها أفعال كثيرة أهم بكثير من الأصوات التى تم حصدها. هكذا رأينا منهم الصلف والتعالى والإقصاء، بل وازدراء الآخرين، والكذب والمراوغة والإنكار، ووجدناهم يستقوون على شعبهم بقوى التعصب من الظلاميين الجدد، فإذا بهم يُكفّرون معارضيهم ويُلوثون سمعتهم، ويحنثون بالقسم ويخلفون الوعد والعهد، حتى تصدى لهم الشعب الذى ظل - رغم كل شىء - على حيويته وجرأته وكبريائه. إن مصر التى كانت مضرب المثل فى صلابة وحدتها الوطنية كادت فى عهد مرسى تفقد طريقها إلى مستقبلها؛ إذ أصبحت مشغولة بهمومها الناتجة عن استيلاء تنظيمات الإسلام السياسى على السلطة فيها، وبات المجتمع يختزن من المرارات والضغائن ما لم يعرفه عبر تاريخه، وتوغل البؤس فى عظام النخب السياسية المحنطة ولحمها، ليدخل كثيرون فى قفص القنوط واليأس من أنفسهم وبلدهم. وفى ظل مرحلة تآكل الدولة الوطنية وانهيار سيادتها، والسقوط فى فخ المذهبية والطائفية، أراد بعض أصحاب النظر العليل والكليل، ممن يرعون مصالح التنظيم والجماعة، لا مصلحة الأوطان والدول، أن يكون شعب مصر ضمير الغائب والمنسى، إلا فى مواسم الانتخابات وطقوس الاستفتاءات. وأغفل هؤلاء أن من حق الشعب أن يؤسس نظام الحُكم الرشيد، الذى يستمد شرعيته من الشعب، باعتباره مصدرًا للسلطات، الذى يصدر القرارات والأحكام القضائية، وتُنفذ باسمه، والسلطة الحاكمة تستمد منه شرعيتها، وتخضع لإرادته، ومسؤولية نظام الحُكم وصلاحيته أمانة يحملها لصالح الشعب وليست امتيازات، يتحصن النظام خلفها.