الرياض ـ وكالات
شرعت الحكومة السعودية خلال الثلاثة الأعوام الماضية بتصحيح أوضاع القطاع العقاري خاصة فيما يتعلق بالمساكن، التي باتت إحدى المعضلات التي تواجه الفرد السعودي، حيث تم الإعلان عن مجموعة من القرارات بدأت من إنشاء وزارة للإسكان وانتهت بتحويل المسؤولية الكاملة لها وتوزيع أراض مطورة تمنح للمواطنين مقابل تمويل القروض غير الربحية. ويرى خبراء القطاع العقاري أن تنعكس تلك القرارات خلال الثلاثة أعوام المقبلة إلى حين أن تعلن وزارة الإسكان أيضا المواقع المخصصة والآليات الاستراتيجية التي من خلالها سيحدد اتجاه السوق ليتم تصحيح الأسعار التي استمرت في الصعود جراء المضاربات خاصة في الأراضي الخارجة عن النطاق العمراني مما سيحد من تلك الارتفاعات لتعاود الأسعار إلى وضعها الطبيعي. وأوضح المهندس محمد الزميع المشرف على وكالة وزارة الإسكان للتخطيط والدراسات والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن «الوزارة تهدف لخفض أسعار الأراضي والذي يعد ضمن أهدافها الاستراتيجية من خلال آلية ضخ وحدات سكنية وأراض مطورة وقروض مدعومة بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين التي أعلن عنها مؤخرا وتسليم كل الأراضي التي كانت تحت تصرف وزارة الشؤون البلدية والقروية إلى وزارة الإسكان». وكشف الزميع عن مقترحات تحت الدراسة تعمل عليها الوزارة حاليا وسيتم الإفصاح عنها خلال الفترة المقبلة، وقال: «نحن نعمل حاليا على كثير من المهام لذلك فإن آليات تحديد المستحقين وتوزيع المنح والمساكن سيتم الانتهاء منها خلال عام، حيث سيتم توزيع أراض وقروض إضافة إلى المساكن التي كانت تعمل عليها الوزارة من شأنها زيادة العرض في السوق وبذلك كبح الأسعار». وفيما يختص باستحقاق الأفراد الذين يتملكون أراضي غير مخدومة بين المشرف على وكالة وزارة الإسكان للتخطيط والدراسات «إن أي فرد يمتلك أرضا لا توجد بها خدمات من بنى تحتية ونحوها يعتبر كغيره ممن لا يملك أرضا ضمن الأولويات، فالهدف من الوزارة هو دعم الأشخاص الذين لا يمتلكون أي وسيلة للسكن خلال الفترة المقبلة»، مؤكدا «أن مهمة وزارة الإسكان تنحصر في الأراضي السكنية التي ستمنحها للمواطنين ولن تقوم بتوصيل الخدمات للأراضي المملوكة حاليا للأفراد والتي هي خارج نطاق مسؤولياتها والتي تحول إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية لإيصال الخدمات». وحول مواقع الأراضي التي تم تسليمها من قبل وزارة الشؤون القروية والبلدية بين الزميع «إلى الآن لم يتم تسليم الأراضي للوزارة وفي حين تسليمها سيتم الإعلان عن مواقعها في كافة مناطق ومدن السعودية، ونحن لا نزال بانتظار تحويل وزارة الشؤون البلدية والقروية تلك الأراضي التي انتقلت تحت مظلة وزارة الإسكان لنعمل عليها ضمن المشاريع التي أعلن عنها في وقت سابق، حيث إن هناك 47 مشروعا في كل المناطق السعودية البعض تم الانتهاء منه وأخرى جاري العمل فيها وشارفت على الانتهاء، حيث إن الأراضي الجديدة التي كانت مخصصة للإسكان في السابق تعمل عليها الوزارة لمنحها أراضي وقروضا، فيما سيتم توزيع المساكن التي قد بدأت الوزارة في تنفيذها خلال الفترة الماضية». وأشار المتحدث باسم وزارة الإسكان السعودية إلى «أن الأسعار لن تتأثر في الوقت الراهن بشكل كبير ولكن بعد أن يتم تطبيق كل المعايير سيكون هناك انخفاضات دون شك ستحقق الأهداف التي من شأنها إنهاء أزمة الإسكان في البلاد، حيث ستعمل الوزارة على بناء كافة خدمات البنى التحتية والتي تشمل أيضا المرافق الأخرى كالمدارس والمستشفيات والمراكز الأمنية التي سيخصص لها مواقع بحسب مساحة المخطط ويتم التنسيق مع الجهات ذات العلاقة للإشراف عليها وبنائها من قبل الجهات المختصة، حيث إن المعايير التي تهدف إليها وزارة الإسكان هي التقليل من حركة المركبات داخل تلك الأحياء»، مشيرا إلى «أن الأراضي التي يمكن عليها بناء عمائر متعددة الأدوار (رأسية) بدلا من الفيللات ستعمل الوزارة على ذلك لاستيعاب أكبر عدد من الأفراد». من جهته أوضح عبد الله الأحمري، رئيس لجنة التثمين في الغرفة التجارية في مدينة جدة (غرب السعودية) لـ«الشرق الأوسط»، «بالتأكيد سيبدأ التصحيح الفعلي في السوق العقارية ولا يعني كما يشاع أن ذلك انهيار في الأسعار، حيث سيكون التصحيح في المناطق البعيدة غير المخدومة التي تداولها سماسرة العقار وصعدوا من قيمة الأصول إلى حين أن وصلت إلى أرقام فلكية تجاوزت قدرة المواطن البسيط على الشراء». وزاد: «حينها تدخلت الدولة بعدد من القرارات وكان أكبرها انعكاسا على تحديد الوضع الإسكاني هو قرار خادم الحرمين الشريفين بتحديد وتوجيه كل الأراضي الحكومية وتسليمها لوزارة الإسكان ودفع مبالغ التكاليف من قبل وزارة المالية لوضع البنية التحتية في كل الأراضي، وليس باليسير أن تقوم بتخطيط أراض متصحرة خلال وقت وجيز فالوصول إليها بالخدمات كافة يحتاج إلى مبالغ كبيرة وميزانيات عالية قد تؤثر على عمل وزارة الإسكان من خلال ميزانيتها التي خصصت لعمل وحدات سكنية في وقت سابق». وبين رئيس لجنة التثمين في الغرفة التجارية في مدينة جدة «حينما يكون لكل مواطن مسكن من خلال تملكه أرضا من قبل وزارة الإسكان ستتراجع الأسعار وتنخفض بنحو 20 إلى 30 في المائة وسيكون هناك حركة لأصحاب الدخل المتوسط على الأراضي التي كانت تتجاوز الضعف من الأسعار الحقيقية لها». واستطرد الأحمري: «إضافة لذلك فإن مدينة جدة تحظي بعدد من المشروعات التي عكفت عليها أمانة مدينة جدة ممثلة في شرقها وأجزاء أخرى تستوعب عددا كبيرا من الوحدات السكنية أيضا لتغطي جزءا كبيرا من الاحتياج السكني في المدينة وهذا مثال لبقية المدن والمحافظات الأخرى في السعودية». وأضاف الأحمري: «أعتقد أن العقار لن يتحرك أو يتراجع إلا إذا انتهت الدورة الاعتيادية بعد 10 سنوات، ولكن بتلك القرارات ستتغير القاعدة، حيث ستنخفض قيم الإيجارات خلال الثلاثة أعوام وسيغير الملاك استراتيجياتهم وستقف الزيادات من قبل الملاك للاستمرار في استثماراتهم بدلا من عرضها بأسعار خيالية لن يكون لها مجال خلال الفترة المقبلة». من جهته قال رياض الثقفي، الرئيس التنفيذي لشركة إيوان العالمية للإسكان، لـ«الشرق الأوسط»: «القرار يخدم بشكل مباشر الأفراد وأعتقد أن تكون انعكاسات ليست في الوقت القريب ويتطلب معرفة آليات وزارة الإسكان، حيث إن انخفاض أسعار الأراضي يسهم في دعم المطورين أيضا، من خلال البيع على أكبر عدد من الشرائح خاصة أصحاب الدخل المتوسط والضعيف نظرا لتملك المطورين الأراضي بسعر أقل مما كانت عليه وبذلك سيكون سعر البيع أفضل من سابقه». واستطر الثقفي: «إن قرار أرض وقرض جعل هناك تحديا أمام وزارة الإسكان، حيث إن على سبيل المثال فإن مليون متر مربع قد تغطي 100 ألف وحدة سكنية والآن 40 ألف كونها على نظام أراض معدة للفيللات المستقلة، لذلك يجب أن يكون هناك آليات للبناء بشكل رأسي لزيادة الفرص السكنية أمام الأفراد، ونحن أيضا كمطورين يهمنا معرفة الآليات التي لم تصدرها وزارة الإسكان منذ ما يقارب العامين». وفيما يتعلق بأسعار مواد البناء نظرا للطلب الكبير المصاحب لقرار المنح والقروض تحدث لـ«الشرق الأوسط»، عبد الله رضوان رئيس لجنة المقاولات والخرسانة الجاهزة في غرفة جدة، وقال: «لن يكون هناك تأثير على أسعار مواد البناء فالسعودية قادرة على موازنة الطلب من خلال استيراد المواد كما هو حاصل في الحديد والإسمنت مؤخرا، فالقرار الذي نص على منح الأراضي وانتقالها لوزارة الإسكان لن يصعد بأسعار مواد البناء وسيعمل على خفض الأسعار التي أصبحت أعلى من قيمة المبنى في أغلب الأحيان، ولكن المعوق الحالي هو البنية التحتية خاصة التي تقع خارج النطاق العمراني، لذلك فالدولة حرصت أن تسلم الإسكان ملف البنى التحية». يذكر أن خادم الحرمين الشريفين قد أصدر أمرا بوقف وزارة الشؤون البلدية والقروية عن توزيع المنح البلدية ويتم تسليم جميع الأراضي الحكومية المعدة للسكن بما في ذلك المخططات المعتمدة للمنح التي لم يتم استكمال إيصال جميع الخدمات وباقي البنى التحتية إليها إلى وزارة الإسكان لتتولى تخطيطها وتنفيذ البنى التحتية لها ومن ثم توزيعها على المواطنين حسب آلية الاستحقاق، وتقوم وزارة المالية باعتماد المبالغ اللازمة لتنفيذ مشاريع البنى التحتية لإعطاء المواطنين أراض سكنية مطورة وقروضا للبناء عليها حسب آلية الاستحقاق.