تحولت كرواتيا إلى إحدى وجهات السياحة الأوروبية منذ بداية الألفية ونما معها نشاط شراء العقارات من الأجانب للاستثمار أو للإقامة أثناء العطلات. ولكن هذا النشاط تلقى ضربة قاصمة في عام 2008 مع الأزمة المالية العالمية. وتراجعت سوق العقار في كرواتيا على نمط مشابه لما جرى في إسبانيا وفرنسا وإيطاليا، وفقا لخبيرة العقارات إيلينا جيكوفيتش التي تدير فروع شركة «سافيلز» الدولية في شرق أوروبا. وهي تشير إلى أن عقارات كرواتيا تراجعت بنحو 30 في المائة منذ ذلك الحين ولكن مع انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي في شهر يوليو (تموز) 2013، يأمل العاملون في مجال العقار الكرواتي أن تنعكس هذه الخطوة إيجابيا على قيمة العقار الذي شهد تراجعا مستمرا منذ أربع سنوات. ولم تظهر بعد أي فوائد فورية لمثل هذه الخطوة حيث لم تتغير الأسعار كثيرا في الأسابيع القليلة الماضية ولم تتأثر مدينة دوبروفنيك الساحلية التاريخية كثيرا بالتراجع العقاري الذي شمل أنحاء كرواتيا، واستقرت الأسعار فيها مع استمرار الإقبال السياحي عليها طوال العام وارتباطها القوي برحلات طيران دائمة مع كافة العواصم الأوروبية وما زالت الأسعار خاملة في منطقة استريا على الساحل الشمالي الغربي التي يفضلها المشترون الأوروبيون لسهولة الوصول إليها برا بالسيارات من أنحاء أوروبا. ويقول بيتر إيليس الذي يدير مكتبا عقاريا في المنطقة إنه كان يتوقع صعودا في الطلب العقاري في الشهور السابقة لالتحاق كرواتيا بالاتحاد الأوروبي، مثلما حدث في الدول الأخرى التي انضمت إلى الاتحاد، ولكن هذا لم يحدث وتفسر جيكوفيتش هذا الخمول بأزمة اليورو وبعد الاستقرار السياسي والاقتصادي في دول مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا في الوقت الحاضر. وما زال متوسط الأسعار في مدينة دوبروفنيك القديمة يتراوح ما بين 3000 و6000 دولار للمتر المربع، وهو ضعف معدل الأسعار في مناطق كرواتيا الساحلية الأخرى التي لا تزيد فيها الأسعار عن ما بين 1500 دولار إلى 3000 دولار للمتر المربع الواحد وما زالت عمليات بيع العقار في كرواتيا تقتصر على الأوروبيين من ألمانيا وبريطانيا وآيرلندا بالإضافة إلى المغتربين الكروات الذين يريدون شراء عقارات للعطلات أو للتقاعد. وهناك مشترون من الولايات المتحدة وكندا. ويقول إيليس إن معظم المشترين يقيمون بعض الوقت في عقاراتهم ثم يقومون بتأجيرها خلال فترات العام الأخرى ولا توجد عوائق على شراء الأجانب للعقار في كرواتيا إلا في حالة وضع الدول الأخرى قيودا على الكرواتيين في شراء العقار فيها. ويمنح هذا المبدأ المقيمين في دول الاتحاد الأوروبي سهولة في شراء عقارات كرواتيا. وبالنسبة للمشترين الأميركيين يعتمد الأمر على الولاية التي ينتمي إليها المشترون حيث نصف الولايات المتحدة تقريبا لديها اتفاقيات تبادل استثماري مع كرواتيا أما المشترون من دول ليس لديها اتفاقيات تبادل استثماري مع كرواتيا، فيتعين عليهم إنشاء شركات كرواتية يكون لها حق الملكية، وهي عملية سهلة وغير مكلفة. ويمكن لشركة محاماة محلية أن تقوم بكافة الإجراءات مقابل تكاليف شاملة لا تزيد عن 800 دولار، مع تكاليف شهرية تبلغ نحو 100 دولار وفي حالات البيع تفرض الحكومة ضريبة مبيعات قدرها خمسة في المائة، بالإضافة إلى تكاليف قانونية تبلغ 1.5 في المائة ورسوم شركة العقار التي تبلغ ستة في المائة تنقسم مناصفة بين البائع والمشتري ولكن كل الحوافز المتوقعة والتي لم تتحقق في العقار الكرواتي لها أسبابها القوية التي لن تتغير في القريب العاجل، والتي من شأنها الإبقاء على الأسعار على مستواها الحالي. وهناك نحو 70 ألف مستثمر أجنبي في العقار الكرواتي في الوقت الحاضر، معظمهم يملك عقاره من خلال شركات كرواتية. ويقدر عدد المستثمرين الألمان بنصف إجمالي المستثمرين وظلت أسعار العقار في كرواتيا تتراجع خلال السنوات الأربع الماضية بنسب تتراوح بين 4.8 في المائة في عام 2009 إلى 3.1 في المائة في عام 2012. وفي العاصمة زغرب تراجعت أسعار العقار بنسبة خمسة في المائة في العام الماضي إلى متوسط سعر يبلغ 1600 يورو للمتر المربع. وكان التراجع بنسبة أكبر في بعض أنحاء كرواتيا الأخرى وليس من المتوقع أن تتحسن الأحوال كثيرا في هذا السوق حتى بعد التحاق كرواتيا بالاتحاد الأوروبي، بل إن الخبراء المحليين يتخوفون من تأثير سلبي إضافي لضريبة عقارية جديدة يتم فرضها هذا العام. وتماثل نسب تراجع العقار، الانكماش الحاصل في الاقتصاد الكرواتي على مدى أربع سنوات، والذي تراجع بدوره بنسبة 6.9 في المائة في عام 2009 وبنسبة 1.5 في المائة في عام 2012 ولا توجد سوق كبيرة للإيجار طويل الأجل في كرواتيا حيث معظم التعاقدات قصيرة المدى وفصلية للسياح. وتقتصر التعاقدات طويلة الأجل على المدن الرئيسة مثل زغرب ودوبروفنيك وسلبيت. وفي زغرب يبلغ إيجار شقة مساحتها 125 مترا مربعا نحو 1250 يورو شهريا بينما يصل إيجار شقة مساحتها 200 متر مربع إلى 2280 يورو شهريا. ويبلغ متوسط العائد الإيجاري على رأس المال في زغرب نحو 5.5 في المائة والنصيحة التي يقدمها الخبراء للمستثمر الأجنبي هي أن الاستثمار في عقار كرواتيا ليس مجديا تماما إلا إذا كان المشتري ينوي استخدامه بعض فترات العام للمدى البعيد، ولكن مع عدم وجود فرص قوية لنمو القيمة العقارية، مع عوائد إيجارية متواضعة، بأن الحافز للاستثمار في عقارات كرواتيا لا يبدو قويا في الوقت الحاضر ولكن بعض البريطانيين يعتبرون أن الاستثمار في العقار الكرواتي فرصة جيدة على المدى الطويل، ويعددون مزايا البحر الأدرياتيكي المقابل لإيطاليا ولكن بأسعار تقل عن نصف الأسعار الإيطالية. ويرتبط المشتري البريطاني بالساحل خصوصا عند منطقة استريا التي تعد نقطة ساخنة للسياحة، وتشبه إلى حد كبير منطقة توسكاني الإيطالية ويعتبر البريطانيون أن وجود عقارات ساحلية بأسعار منخفضة من أهم مزايا كرواتيا، لأن مثل هذه العقارات الساحلية نادرة في أوروبا وإن وجدت فهي باهظة الثمن. وتتاح الآن فرص في مشروع اسمه «دوبروفنيك صن غاردنز» الذي يقدم 25 عقارا للملكية الحرةكما تقدم شركة أخرى اسمها «أيو ادريا» ثلاثة منتجعات غولف في استريا بالإضافة إلى مارينا تضم فيما بينها 207 شقق تطل على البحر مباشرة بأسعار تبدأ من 170 ألف يورو لشقة من غرفتين إلى 600 ألف يورو لشقق أكبر حجما. والمثير في الأمر أن هذه العقارات تأتي بتسهيلات مصرفية وقروض عقارية من بنوك محلية. ويقدم أحد البنوك قرضا لمدة 15 عاما يغطي 60 في المائة من ثمن الشراء بسعر فائدة يصل إلى 6.6 في المائة ووفقا لقوانين السياحة المحلية لا بد للمشترين أن يتيحوا عقاراتهم للإيجار إذا كانوا خارج البلاد. وفي القطاع الفاخر يمكن لشقة تطل على البحر أن تجلب إيجارا يصل إلى 245 يورو في الليلة، مما يعني إمكانية تحقيق أكثر من عشرة آلاف يورو خلال ستة أسابيع فقط. ولكن المالك يحصل على نصف الإيجار وتحصل شركة إدارة المنتجع على النصف الآخروفي كل حالات الشراء في كرواتيا لا بد من تأكيد قانوني أن البائع يمتلك فعلا العقار الذي يبيعه وأن مشاريع المنتجعات حقيقية ولديها كل التراخيص اللازمة.