باريس - أ ف ب
اكد رئيس مجموعة توتال الفرنسية كريستوف دو مارجيري نواياه الحسنة امام محكمة باريس التي تحاكمه مع حوالى عشرين متهما آخر في اطار قضية برنامج "النفط مقابل الغذاء". ويدلي موظفون آخرون في توتال من كوادر ووسطاء مساء اليوم الاربعاء بافادتهم امام المحكمة في هذه القضية المستمرة حتى 20 شباط/فبراير. وقال دو مارجيري امام المحكمة الثلاثاء انه اثناء وقائع هذه القضية في النصف الثاني من التسعينات "لم اكن اعرف" ان هذا البرنامج يشهد عمليات اختلاس. ومارجيري كان في فترة "النفط مقابل الغذاء" مدير فرع الشرق الاوسط لقسم توتال للتنقيب والاستهلاك. وهو ملاحق بتهمة المشاركة في استغلال ممتلكات الشركة ويؤخذ عليه تأمين الاتصال بين توتال ووسيط متوف حاليا يدعى الياس فرزلي، تبين بعد ذلك انه متورط في تسويق شحنات غير مشروعة من النفط العراقي. وكانت هذه الشحنات جاءت من "هبات" من براميل النفط التي منحها نظام صدام حسين الى شخصيات "صديقة" في انتهاك لبرنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي بدأ تطبيقه في 1996. واقر هذا البرنامج لتخفيف الحظر الذي فرض على العراق بعد غزوه الكويت في 1990. وكان يسمح لبغداد ببيع كميات محدودة من النفط تحت اشراف الامم المتحدة لشراء مواد انسانية. ويلاحق عدد كبير من كوادر توتال السابقين والحاليين في هذه القضية وسيدلون بافادتهم حتى مطلع الاسبوع المقبل. ومعظم الشخصيات تلاحق لانها تلقت من نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين "هبات" تتمثل في براميل نفط لقاء سعيهم الى رفع الحظر الذي فرض على العراق بعد غزوه الكويت في 1990. وكان النظام العراقي يلتف بهذه الطريقة على برنامج "النفط مقابل الغذاء" الذي سمح له في 1996 ببيع كميات محددة من النفط لشراء مواد انسانية واستهلاكية ضرورية للسكان. وقال دو مارجيري (61 عاما) للمحكمة انه لم يكن على علم بهذه الهبات ولا بشركات وهمية استخدمت لدفع العمولات المرتبطة بهذه العمليات سرا. وتابع ان فرزلي الذي كان يعرفه منذ 1994 على انه "حقوقي" لبناني ينتمي الى احدى جماعات الضغط ويعمل لحساب توتال، جاء ليقول له انه "يستطيع الحصول على براميل نفط". واضاف "بما ان هذا الامر كان قانونيا لم يكن لدي اي سبب للرفض". ويفيد محضر الاتهام ان المجموعة الفرنسية كانت مستعدة للقيام بكل المناورات الممكنة للحصول على النفط العراقي الخام الضروري لمصافيها. وقال دو مارجيري "بالتأكيد ولدت توتال في العراق في 1924" وتعمل منذ فترة طويلة بفضل هذا النفط. لكن من 1991 الى 1996 اي فترة الحظر الصارم على العراق تمكنت المجموعة من التخلي عن هذا البلد. واوضح انه "تتم معالجة مختلف انواع الخام في مصافينا لتجنب ان نكون رهائن لهذا البلد المنتج او ذاك". واضاف ان "القول اننا كنا بحاجة الى النفط العراقي باي ثمن امر مبالغ فيه". وخلافا للمجموعات النفطية من دول اخرى "لم تتلاعب توتال بالحظر"، كما اكد دو مارجيري الملاحق ايضا بتهمة المشاركة في استغلال ممتلكات اجتماعية. وفي بداية استجوابه تحدث قدم مارجيري معلومات عن وضعه الشخصي ودخله، موضحا ان راتبه الشهري في توتال يبلغ 111 الف يورو الى جانب حصة مرتبطة بنتائج اداء الشركة. ومنذ 21 كانون الثاني/يناير، مثل امام المحكمة حوالى عشرة متهمين من خارج توتال. وقد اعترف بعضهم بانتهاك الحظر الذي كان مفروضا على العراق لاسباب عقائدية او تجارية بينما اقر آخرون بانهم دفعوا او حصلوا على عمولات لكن ليس بنية سيئة. لكن آخرين وبينهم وزير الداخلية الفرنسي الاسبق نفى دفع اي عمولات ورأى في هذه المشاكل القضائية يد وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) او مناورات سياسية دنيئة. والشكل الآخر لاختلاس الاموال في اطار تخفيف الحظر هذا تمثل بمبلغ اضافي طلبته بغداد من الذين يشترون النفط الى جانب السعر المعلن في الامم المتحدة. وكان العراق يحصل على الفرق في السعر عن طريق وسطاء عدة وشركات وهمية. وتوتال متهمة بدفع هذه المبالغ الاضافية وبشراء شحنات من النفط عن طريق شركات وساطة، من الشخصيات التي "وهبت" البراميل. وكانت لجنة مستقلة برئاسة الاميركي بول فولكر كشفت بالتفصيل في 2005 عمليات الاختلاس في اطار برنامج "النفط مقابل الغذاء". وقد اتهمت حوالى 2200 شركة في 66 بلدا وخصوصا في فرنسا وروسيا والصين. وهذه الجلسات التي بدأت الاثنين ويفترض ان تستمر حتى 20 شباط/فبراير هي الاولى في فرنسا. لكن النيابة طلبت مؤخرا احالة 14 شركة اخرى الى محكمة الجنح بتهمة "افساد موظفين حكوميين اجانب".