بقلم : نزار الخزرجي
السنّة هي كل ما عملَ بهِ الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآلهِ وسلم" أو ما صدرَ أو نُقِلَ عنه, وقد أجمع أعظم العلماء على أن من الأمور الحتمية في اتّباع السنّة النبوية هو محبة الإمام علي "عليهِ السلام" المقرون بالعمل الصالح.
ولابد لنا هنا أن نبين كل من يخالفنا الرأي من أتباع ابن تيمية ويتهمنا بالغلو في اتباع ومحبة إمام الموحدين "عليه السلام" وبالدليل القاطع ما جاء في كتابهِ منهاج السنة النبوية (6 / 201
{"وَقَدْ كَانَ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ مَنْ يَسُبُّ عَلِيًّا، وَيَجْهَرُ بِذَلِكَ عَلَى الْمَنَابِرِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَجْلِ الْقِتَالِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ. وَكَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ تُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا، فَكَانَ الْمُتَمَسِّكُ بِالسُّنَّةِ يُظْهِرُ مَحَبَّةَ عَلِيٍّ وَمُوَالَاتَهُ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَوَاقِيتِهَا. حَتَّى رُئِيَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ الْجَمَلِيُّ، وَهُوَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: شَيْخُ الثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِ، بَعْدَ مَوْتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي بِحُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمُحَافَظَتِي عَلَى الصَّلَاةِ فِي مَوَاقِيتِهَا. أ.هـ .}.
كما أن الشيخ ابن تيمية بين وأوضح أن الشفاعة - وأعني شفاعة أهل البيت وجدّهم المصطفى "صلى الله عليه وآله وسلم" - موجودة ومقبولة عند الله سبحانه وتعالى ,والدليل ان عمرو بن مرة الجملي رُئي بعد وفاته وسئل عن فعل الله به قال : غفر لي بحب علي, فحبّ علي عليه السلام كان شفيعًا للجملي وغفر الله له لأنه أحب عليًا.
وقد تطرق المحقق العراقي السيد الصرخي الحسني في محاضرته التاسعة من بحث "السيستاني ما قبل المهد الى ما بعد اللحد" ضمن سلسلة محاضرات تحليل موضوعي في العقائد والتاريخ الإسلامي والتي ألقاها مساء يوم الجمعة الموافق
22 ذو القعدة 1437 هـ ، 26 / 8 / 2016 إلى هذه الأمور؛ فقد استدل وأكد خلال هذه المحاضرة على اشتراط واقتران وملازمة محبة علي عليه السلام بالإيمان, والبغض له بالنفاق, وفي مصادر إسلامية عديدة ومعتبرة بما لا يدعو للشك إطلاقًا في صحة ورود هذه الروايات لتواترها كما في الصحيحين عن مسلم والبخاري ومسند بن حنبل و الحاكم النيسابوري : المستدرك على الصحيحين ، تأريخ بغداد والهيثمي: مجمع الزّوائد ، المحبّ الطبري: ذخائر العقبى ، كنز العمال الخ ...
فقد أشار سماحته إلى ضرورة محبة علي "عليه السلام " في دخول الجنة مستدلًا بالروايات المسندة , مما يعني ان عموم المسلمين على ما هم عليه الآن من تشتت وضياع وفتن وصراعات طائفية ما هي الا نتيجة لعدم الالتزام بالسنة الحقيقية في محبة علي والصحابة وانتهاج منهجهم والذي يعد امتدادًا لمنهج النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم) في السير, فيفترض ان يتخذ عموم المسلمين من محبة علي عليه السلام مدعاة للفخر لا ان يحسب على طائفة معينة وتطمس آثاره وفضائله ومكارمه بدعوى انه إمام الشيعة! فهو إمام المسلمين وخليفتهم وحبيب النبي ووصيه وحبه إيمان وبغضه نفاق بحسب ما ورد بمصادر عموم المسلمين .
وننقل بعض ما اعتمده المرجع الصرخي وحقق فيه واستدل به على اشتراط حب عليٍّ في الإيمان مع ما أورده المرجع من تعليقات منها :
" مسلم: الإيمان: {{33- باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ حُبَّ الأَنْصَارِ وَعَلِىٍّ- رضى الله عنهم- مِنَ الإِيمَانِ وَعَلاَمَاتِهِ وَبُغْضَهُمْ مِنْ عَلاَمَاتِ النِّفَاقِ(32)، 249-... عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ (عليه السلام) وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) إِليَّ أَنْ لاَ يُحِبَّنِي إِلاَّ مُؤْمِنٌ وَلاَ يُبْغِضَنِي إِلاَّ مُنَافِقٌ}}.
الترمذي يروي في سننه عن محبة عليٍّ
...عن عليٍّ (عليه السّلام) قال: {{عَهِدَ إليّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه لا يُحِبُّني إلّا مؤمن ولا يُبغِضُني إلاَّ منافق}}. سنن ابن ماجة(1)// سنن الترمذي5// مسند أحمد بن حنبل(1)
أمّ المؤمنين أمّ سلمة تقول: المؤمن لا يبغض عليًا
عن مُساوِر الحِمْيَري، عن أمّه، قالت: سمعت أمَّ سَلَمَة تقول: سَمِعْتُ رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقول لعليّ (عليه السلام): {{لا يُبغِضُك مؤمن، ولا يُحبّك منافق}}. مسند أحمد6
وعلق المرجع الصرخي قائلًا " إذًا أم سلمة سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي: لا يبغضك مؤمن ولا يحبك منافق، نحن من نقول؟!، نحن من نغالي بعلي؟!، أم النبي الذي يقول؟ النبي الذي لا ينطق عن الهوى هو الذي يقول: لا يبغض عليًّا مؤمن ولا يحب عليًّا منافق، المنافق لا يحب عليًّا، والمؤمن لا يبغض عليًّا، إذًا حب علي هو الذي يميز بين المؤمن والمنافق، علي هو الذي يميز بين المؤمن والمنافق، علي هو المحك، حب علي هو المحك، علي هو المحك، علي هو القاسم والقسيم بين المؤمن والمنافق، علي هو القسيم بين جنة المؤمن ونار المنافق، بين معين المؤمن وجهنم وسقم وعذاب المنافق.
ابن حنبل يروي في مسنده عن محبة عليٍّ
عن عليٍّ (عليه السّلام) قال: {{عَهِدَ إليّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه لا يُحِبُّني إلّا مؤمن ولا يُبغِضُني إلاَّ منافق}}. سنن ابن ماجة(1)// سنن الترمذي5// مسند أحمد بن حنبل(1)
طوبى لِمَن أحبّ عليًا
عن عليِّ بن الحَزَوَّر قال: ((سمعتُ أبا مريم الثقفي يقول: سمعتُ عمّار بن ياسر يقول: سمعتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول لعلي: يا علي، طوبى لِمَن أحَبَّك وصَدّقَ فيك، وَوَيلٌ لِمَن أبغَضَك وكذَّبَ فيك)). الحمويني: فرائد السّمطين ج1// الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين ج3// الخطيب البغدادي: تأريخ بغداد ج9// الهيثمي: مجمع الزّوائد ج9// المحبّ الطبري: ذخائر العقبى
أوّلُ مَن يَدْخُل الجنة مُحِبُّ عليٍّ
عن أبي سعيد الخُدْري (رضي الله عنه): قال (( قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلّي (رضي الله عنه وعليه السلام): حبُّك إيمان وبغضك نفاق، وأولُّ مَن يَدْخُل الجنة مُحِبُّك وأَوّلُ مَنْ يَدْخُل النّار مبغضُك )) . نور الأبصار: الشبلنجي
الحاسدُ لعليٍّ حاسدٌ للرسول
عن أنس، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: {{من حَسَدَ عليًا، فقد حَسَدَني، ومن حسدني، فقد كفر}}. كنز العمّال، ج11: المتّقي الهندي
وأوضح المرجع ما جاء في رواية أنس بقوله ":أي: من حسد عليًّا فقد كفر, هذا قانون، هذه قاعدة، هذا تشريع، طبق هذا التشريع على من يدعي أنّه ينتسب لأهل البيت فضلًا عن غيره من ينتسب لآل أمية، من ينتسب إلى باقي القبائل، باقي العشائر، باقي القوميات، باقي الأشخاص، باقي الأجناس، هذا هو المحك، طبق هذا على السيرة العملية، على السلوك، على المعتقد، على الأفعال، على المواقف التي تصدر من الأشخاص، هل هذه تصب في حب علي، في ود علي، في مودة علي، أم تدخل في بغض علي، في إيذاء علي، في الطعن بعليّ، في الانتقاص من علي، في تشويه صورة علي, خذ أعمال السيستاني وخذ أعمال ابن تيمية وضع أعمال هذا وأعمال هذا على المحك، وسترى حقيقة هذا وحقيقة هذا، توجه هذا وتوجه هذا، حب هذا لعلي وحب هذا لعلي، أو بغض هذا لعلي وبغض هذا لعلي، يقول: عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من حسد عليًّا فقد حسدني، ومن حسدني فقد كفر.
يُذكر أن المرجع الصرخي اعتمد منهجًا علميًا موضوعيًا في التحقيق متجردًا عن اي تعصب وميول وأهواء في تناول الروايات ومواقف الشخصيات بحسب ما يتطلب كل موقف وشخصية في التقييم والتحليل لقطع الطريق أمام دعاة الطائفية والتكفير والانتهازيين عمومًا, وبذلك ندعو جميع المسلمين إلى الاستماع الى مثل هذهِ المحاضرات المعتدلة البعيدة عن النفس الطائفي , لحقن دماء المسلمين نتيجة التناحرات الطائفية.