بقلم : علي أبو الريش
منتمون إلى الشهيد، ذاهبون إلى اسمه، لنلوّن بدمه وجداننا، ونجعل الطريق إلى المجد يبدأ من ذكراه التي تسكن الشوارع، وقارعات ونواصي أحلامنا وأيامنا.
علي خليفة المسماري، وكوكبة من شهدائنا الذين أضاؤوا منازلنا بالكرامة، وشرف الانتماء إلى وطن الفخر، والرجال الأماجد، هؤلاء مناراتنا وجبالنا الشم، ننظر إلى المرآة فنراهم، ثم نرى أنفسنا، ثم نرى وطناً يعرج إلى العلا، مجلجلاً بخلاخيل الفرح، وهو يزف عرسان الجنة إلى مثوى الخلود، ويمضي بكبرياء، زاهياً بين الأمم، تضيء سماؤه أسماء رصعت على جبين الوطن لآلئ النصر على كل باغ وطاغ، ومعتد أثيم، ومدت قلوبنا بدماء البهجة، والأمن وقوة الإرادة، لأن وطناً تحرسه أرواح أطهر من ماء النهر، لا تشيخ جذوره، ولا تنثني أغصانه، ولا تعجف أوراقه، ولا تغادر طيوره أعشاش الدفء، والحب والحنان.
وطن تطوق تضاريسه سواعد رجال أوفياء، أتقياء، أنقياء، لا يتعكر ماؤه، ولا تتخثر دماؤه، أنه وطن كالنهر يذهب إلى الحياة صافياً، أزهى من نور البدر، وأنصع من قرص الشمس، وأوسع من حلم الموجة على شطآن الخير.
شارع علي المسماري في جزيرة الريم، هو صفحة من صفحات هذا البلد، تفتح في كل صباح ليقرأ الجيل عن رجال ضحوا من أجل حرية الإنسان، وقيادة تغرس في الوجود، ثوابت الوفاء، والتفاني من أجل وطن ينجب النبل بصورة رجال يتفانون من أجل أن يكون الوطن هو النجمة التي لا تغشيها غاشية غيمة، وأن يكون الإنسان هو العلم المرفوع دوماً، وقماشته من جينات الأولين والمؤسسين، والذين غرسوا فينا حب الوطن كما تغرس جذور النخل في أحشاء الأرض، وهذه هي الإمارات، خصبة الخصال، خضيبة الوصال، هياضة، فياضة، وأنسالها درر، هذه الإمارات تعتني بالذين عشقوا الأرض، فأرووا ثراها بدمائهم، فإذا بالدماء تصبح أوردة في نسيج الأرض، موشومة بذاكرة لا تنسى من أحبوا الحرية، والذين وضعوا حب الوطن ما بين الشريان والشريان، طريقاً إلى الحياة، ودرباً من دروب المجد المجيد، والبوح السديد، هذه الإمارات، تكرم من أكرموا الإنسانية بعطر دمائهم الزكية، وشذى أرواحهم الطاهرة، هؤلاء هم الموجة التي أغرقت جحافل العدوانية والكراهية في اليمن، وسحبت مراكبهم إلى حيث تقبع الأخشاب التالفة، وإلى حيث تنام القواقع الفارغة، وإلى حيث تمزق الريح الصواري الجانحة، وإلى حيث يلفظ المرضى أنفاسهم الأخيرة في مهاد الكراهية، وإلى حيث تغيب الشمس عن كل من يرتمي في أحضان أعداء العروبة.
هذه الإمارات، قدرها أن تكون هكذا في قلب العالم، في صلب الحدث، وفي الموقف دائماً من أجل حماية الحقيقة وحفظ الحق.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
نقلا عن الاتحاد