بقلم : محمد الحمادي
حديث الخليج البارحة، هو ما اتخذته اللجنة العليا المختصة بمكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية من قرارات كبيرة وقوية بكل المقاييس، وتدل، بل وتؤكد من جديد أن القيادة الحالية في السعودية قيادة أفعال لا أقوال، وهي تسير نحو المستقبل بكل وضوح وثقة وإصرار.
فبعد أسابيع من إلقاء القبض على مجموعة من «الفاسدين فكرياً» من أتباع جماعات الإسلام السياسي، وممن يتبنون ويروجون للأفكار المتطرفة وللجماعات الإرهابية، ها هي المملكة تتفرغ للفاسدين مالياً، وإنْ كان أصحاب الفكر المنحرف أخطر، إلا أن المتاجرين بالوطن والمواطن لا يمكن السكوت عنهم.
المملكة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز تدرك تماماً أن أساس التقدم والتطور هو تنظيف البيت من الداخل، وواضح أن أكثر من أثاروا الفساد في المملكة طوال عقود هم تجار الدين وتجار الصفقات الذين أفسدوا الأمور وعادوا بها إلى الخلف، والأهم من ذلك هو أن ببقائهم لا يمكن أن تتقدم البلاد خطوة واحدة إلى الأمام.
أحد عشر أميراً وأربعون مسؤولاً كبيراً، بينهم وزراء ورؤساء شركات وقادة عسكريون، كلهم تورطوا في قضايا مالية، وأصبحت السعودية تمتلك ما يثبت تورط هؤلاء، لذا تم اتخاذ هذا القرار التاريخي الذي لن ينساه أحد.
في الجهة المقابلة لهذا القرار الكبير، رأينا من يلطم وينتقد القرار، والغريب أن من كانوا ينتقدون الفساد بالأمس، هم أنفسهم الذين ينتقدون قرارات محاكمة الفاسدين ويشككون فيها، ولا غرابة في هؤلاء، فمن فقد الثقة بنفسه لا يمكن أن يثق بأي أحد آخر أو أي شيء!
الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، فالإرهاب يدمر الأفراد والدول والماضي والحاضر والمستقبل، والفساد يدمر الحاضر والمستقبل، والدول التي تريد أن تسير للمستقبل بثبات لا يمكن أن تتحرك إلا بعد أن تتخلص من هاتين الآفتين الخطيرتين، وهذا ما يفعله محمد بن سلمان الذي يمتلك الروية والحلم لبلده، ويريد أن يعيد الوطن الذي بناه جده المؤسس عبدالعزيز إلى الطريق الصحيح دون أن يستغله بائع أوهام باسم الدين أو جامع أموال من دون وجه حق!
خطوة الخامس من نوفمبر كانت رسالة عملية للعالم بأن المملكة العربية السعودية تتغير بكل ما أوتيت من قوة، فبعد خطة 2030 ومشروع «نيوم»، تأتي القرارات التي تساعد على تحقيق هذه الأهداف، وهذا ما يجعل العالم ينظر إلى المملكة نظرة جديدة، ويتعامل معها بشكل مختلف، فسلمان الحزم هو الرجل الذي يتخذ القرارات مهما كانت صعبة، فكل من في المملكة يعرف أن الوقت يمضي بسرعة، والتغيير وتصحيح الأوضاع لا بد أن يكون من الداخل، فالسعودية لم تكن يوماً بحاجة إلى ربيع عربي، فهي قادرة على تدبر أمورها، وهذا ما جعل كل سعودي يشعر يوم أمس بالفخر، لأن وطنه يسير في الطريق الصحيح.