بقلم : محمد الحمادي
الزيارة التاريخية التي يقوم بها رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون لدولة الإمارات اليوم وغداً، لها دلالات عميقة كثيرة، فهذه الزيارة تعتبر الأولى رسمياً للرئيس الجديد خارج أوروبا منذ فوزه في الانتخابات الأخيرة، كما أنها ستشهد مشاركة فخامته في افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، وهو المتحف العريق الذي ستكون له أول نسخة خارج عاصمة النور باريس، الرئيس الفرنسي الشاب دخل قصر الإليزيه بفكر جديد وشاب، وربما يختلف عن فكر المدرسة الغربية التقليدية، وهذا الفكر يتطابق بشكل شبه كامل مع فكر الإمارات.. حيث يتشاركان في احترام المثل الإنسانية العليا ويشجعان الحوار، كما أنهما يمضيان بلا هوادة ولا مهادنة في الحرب على الإرهاب بكل أشكاله وألوانه وتوجهاته، فلا كيل بمكيالين لديهما في هذه القضية الدولية الشائكة، وفرنسا مثلها مثل غيرها عانت وتعاني الأمرّين من الإرهاب، بل كانت أكثر الدول الأوروبية استهدافاً من قبل الإرهابيين.
العلاقات الإماراتية الفرنسية تمر بأزهى مراحلها على كل المستويات، بالإضافة إلى أنها علاقات تاريخية قديمة ومتجذرة ولها أبعادها المتشابكة والمترابطة، ونعتقد أن الرئيس ماكرون متحمس بشدة لإضافة لبنات جديدة وقوية إلى صرح هذه العلاقات، وستكون لقاءات الرئيس ماكرون خلال اليوم وغداً مع قيادة الإمارات فرصة للاستماع إلى وجهة نظر الدولة بشأن قضايا المنطقة الملتهبة كافة، وهو يعي تماماً أن الرؤية الإماراتية شفافة وواضحة، ونالت احترام العالم كله، حيث لا غموض ولا أقوال معلنة تناقض أفعالاً خفيةً سيئة، فلا تناقض في الإمارات بين ما تقوله وما تفعله، أو بين ما تعلنه وما تضمره، والرئيس الفرنسي الشاب بحماسته ووضوح رؤيته ورغبته الصادقة في الاشتباك مع قضايا المنطقة سيتبادل الرؤى مع قيادة الإمارات، خصوصاً أن هناك ثقةً متبادلةً واحتراماً متبادلًا بين البلدين الصديقين، وليس من المصادفة أن تكون الإمارات المحطة الأولى للرئيس ماكرون خارج القارة الأوروبية منذ دخوله الإليزيه.
لقد أصبح للإمارات ثقلها السياسي، كما أن لفرنسا ثقلها وتأثيرها الدوليين والإقليميين، خصوصاً ثقلها ووزنها وموقعها القيادي في الاتحاد الأوروبي، وهناك تفاؤل كبير بتولي الرئيس ماكرون رئاسة فرنسا وأنه سيتعامل بسرعة أكبر وحسم أكثر مع القضايا الصعبة في المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خصوصاً أن هناك مبادرة سلام فرنسية بهذا الشأن، كما أن فرنسا تسعى
إلى إعطاء زخم أكبر للمسألة الليبية، حيث استضافت مؤتمراً للفرقاء الليبيين في باريس، وجاء هذا المؤتمر مباشرة بعد اللقاء الذي استضافته أبوظبي بين طرفي الأزمة الرئيسيين فايز السراج والمشير خليفة حفتر، وسوريا واليمن لا يمكن أن تكونا بعيدتين عن الاهتمام الفرنسي، فضلاً عن دور إيران العدائي ضد دول المنطقة ودعمها للإرهاب.
أستطيع أن أؤكد أن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الإمارات سيكون لها ما بعدها، وستلقي عدة أحجار في المياه الدولية الراكدة، وسيكون لها تأثيرها الإيجابي على الملفات الساخنة كافة، إقليمياً ودولياً.