بقلم : محمد الحمادي
ما يواجهه العالم من عمليات إرهابية أصبح مؤسفاً ومحزناً، بل ومثيراً للغضب، فقد استيقظنا صباح أمس السبت على إعلان الشرطة الروسية قتل منفذ عملية طعن في مدينة سورغود بعد أن نجح في إصابة ثمانية أشخاص بجروح، بعضها خطر، ويوم الجمعة الماضي شهدت فنلندا هجوماً بالسكاكين، أسفر عن سقوط قتيلين وثمانية مصابين، وتأتي هاتان الحادثتان بعد الجريمة المروعة التي وقعت في برشلونة يوم الخميس الماضي 17 أغسطس، حيث دهست حافلة المارة في أحد أكثر الشوارع ازدحاماً بالمشاة والسياح، ونتج عن العملية 14 قتيلاً، وإصابة أكثر من 100.
فبعد الأسلحة والقنابل، وبعد الأحزمة الناسفة والأجساد المفخخة، أصبح القتل العشوائي بالسكاكين، وبالسيارات غير المفخخة في الأماكن العامة وفي الشوارع المكتظة بالمشاة من الأبرياء ومن السياح، بهدف الترهيب.
في مقابل هذه الحوادث، نتابع تغريدات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي يبدو أنها ستتسبب في ضياع المزيد من الوقت على البشرية وعلى محاربي الإرهاب لتحقيق أهدافهم والانتصار على الإرهاب، وذلك بإصراره على توجيه تهمة الإرهاب للمسلمين كلهم، وبتعميم الإرهاب، ليزيد بذلك من خطاب الكراهية بدل أن يحاصره، لقد قال ترامب إنه وقّع أمس على قانون عالمي لمكافحة الإرهاب، فأي إرهاب سيحارب إذا كان يعاني من لَبْس كبير في التفريق بين الإرهابيين والدين الذي ينتمون إليه؟ فهل يستطيع العالم أن يعتمد على شخص بعقلية وبمنطق ترامب في محاربة الإرهاب؟
حادثة الدهس في برشلونة أغضبت الرئيس الأميركي، ولا أعتقد أنه الوحيد من زعماء دول العالم الذي غضب، لكنه الوحيد الذي صعّد من لغة هجومه وتعميمه الإرهاب ليشمل جميع المسلمين من جديد، وبالتالي استخدم عبارات لا تبدو لائقة لأن تصدر من رئيس دولة عظمى تجاه أتباع دين سماوي كالإسلام، فجميع المسلمين غاضبون من هذه الجرائم التي لا يؤيدها إلا كل متطرف وعنيف، سواء أكان مسلماً أو غير مسلم، لذا فإن خطاب الرئيس الأميركي وردات فعله وتعليقاته على الحوادث الإرهابية، لا تبدو في مصلحة الحرب على الإرهاب العالمي، وإنما في مواقف كثيرة تخدم الإرهاب والإرهابيين الذين يجدون في كلماته وتغريداته مادة جاهزة لزيادة التحريض ضد الغرب، فتغريدات ترامب تفهم أحياناً وكأنه يقول إن ملياري مسلم في العالم يقبلون ما يفعله أولئك الإرهابيون الذين تخلوا عن كل مبادئ الإسلام الحقيقية، والتي تدعو إلى المحبة والسلام والتعايش.
إذا أردنا أن نلخّص المشهد العالمي الحالي للإرهاب، فهو أن العالم فشل في محاربة ومحاصرة الإرهاب، فبدلاً من محاسبة الدول الراعية للإرهاب، والتي تمول الإرهابيين، والتي يعرفها الجميع، انشغل العالم طوال السنوات بعوارض الإرهاب بدل اقتلاعه من جذوره.