بقلم : محمد الحمادي
فاجأنا أمير قطر أمس في حواره «المرتقب» مع قناة CBS الأميركية بما قاله، والمفاجأة عندما تأتي من قطر لا تعتبر مفاجأة، وإنما هي تأكيد لما هو قائم ومعروف، فما فعله الشيخ تميم في حواره أنه حاول أن يُبيـّن للعالم أن الدول المقاطعة لا تريد حواراً معه لأنها لا تريد سوى تغيير نظام الحكم، وحاول أن يظهر بمظهر المستعد للحوار وتقديم التنازلات! فما الذي فعلته قطر والنظام هناك خلال الأشهر الخمسة الماضية لتؤكد ذلك؟!
واستمر اللعب على وتر السيادة والادعاء بأن الدول الأربع تسعى لانتهاك سيادتها، أما علاقاتها بالشريفة إيران، فقد أوضح الأمير أن هذا التقارب ناتج عن إغلاق الحدود مع السعودية وإجراءات المقاطعة المفروضة على قطر.
وليس غريباً هذا الكلام، فقبله بليلتين سمعنا إعجاب رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم وانبهاره بإسرائيل، فعندما أراد مقارنة حال الدول العربية بدول أخرى لم يختر بريطانيا، أو فنلندا، أو سنغافورة، أو كوريا الجنوبية، وإنما ذهب مباشرة إلى النموذج الإسرائيلي ليبدي انبهاره به ويقول إنها دولة ليس لديها بترول، ولكن لديها عقل ولديها هدف، وأضاف، «أننا كلنا نخاف منها ونريد ودّها» - بالطبع هو يتكلم بذلك عن نفسه ويعبر عن ذاته - .
قد يكون الرد الشافي على كل تلك التصريحات القطرية الرسمية هو ما قاله ملك البحرين حمد بن عيسى بالأمس، عندما أكد أنه حان الوقت لاتخاذ إجراءات أكثر حزماً تجاه من يستقوي بالخارج لتهديد أمن أشقائه وسلامتهم.. وأضاف جلالته، أن قطر أثبتت أنها لا تحترم المواثيق والمعاهدات والروابط التي قام عليها مجلس التعاون الخليجي، وهذا ما جعل الملك البحريني يكون واضحاً من مشاركة بلده في القمة الخليجية المقبلة المزمع عقدها في الكويت، عندما قال «إنه يتعذر على البحرين حضور أي قمة أو اجتماع خليجي تحضره قطر ما لم تصحح من نهجها، وتعود إلى رشدها، وتستجيب لمطالب الدول».
بذلك توضع النقاط على الحروف من جديد، وعلى الدوحة أن تتوقف عن المهاترات والألاعيب الإعلامية، وعن الحملات الدعائية الفارغة، فتصريحات المسؤولين في قطر ليست مسؤولة، وليست بحجم الأزمة، وكما أنها ليست تصريحات جادة بقدر ما هي مراوغات جعلت قطر تفشل في الخروج من المربع الأول للأزمة، وهذا عكس كلام الشيخ تميم للإعلام الأميركي في مقابلته عندما قال لو أن الدول المقاطعة تقدمت نحوه متراً لتقدم نحوها عشرة آلاف ميل! فالكل يرى ويعلم أن الدول الأربع تقدمت وعلى مدى سنوات من قطر أميالاً وأميالاً، لكن قطر أصرت على الهروب عشرات الآلاف من الكيلو مترات، لدرجة أنها وصلت إلى أميركا وإندونيسيا ولم تصل للرياض!