بقلم : محمد الحمادي
مشكلة فعلاً أن يرى الإنسان الأمور من زاوية واحدة ويحكم من منطلق واحد، ويضع الجميع في سلة واحدة.
وهذا ما يفعله البعض في قطر، فقد فوجئنا يوم أمس بالإعلام القطري وبالبنط العريض يقول إن عدد حجاج هذا العام هو «صفر»، ويزيد في الأمر ليقول إن مخيمات المشاعر خالية من حجاج قطر ومن فيها ليسوا قطريين! وعلى لسان أصحاب حملات الحج نقل الإعلام القطري أنه: لا صحة لسفر 1340 حاجاً من قطر!
هذه هي الدعاية الإعلامية القطرية ضد الحج، فهل نصدق من تعوّد الكذب والتلفيق ونسج الفبركات، أم نصدق من تعوّد الصدق وقول الحق؟! فقد أكدت السعودية بالأمس أن حجاج قطر ليسوا فقط 1340، وإنما بلغ عددهم 1546 وبزيادة 354 على العام الماضي، وفي هذه الحالة بالطبع نصدق هذا الرقم، ونصدق من لَبِس الإحرام وخدم حجاج بيت الله، ونلبي معه ومع كل حجاج قطر لبيك اللهم لبيك.
أما الإعلام القطري الذي تجرأ على التبرؤ من أبناء وطنه، وهم يؤدون مناسك الحج، فلا يختلف في كذبه عما نسجه من أكاذيب في حق الدول المجاورة لقطر والتي اكتوت سنوات طويلة بنار الإعلام القطري الموجّه ضدها بلا سبب.
وما يكشف زيف كلام الإعلام القطري هو ما شاهده الجميع على شاشات التلفزيون من دخول لحجاج قطريين إلى المملكة العربية السعودية عبر منفذ سلوى الحدودي، وكذلك ما شاهدناه من مقابلات مع حجاج قطر الذين وصلوا إلى مكة، والذين سيكونون اليوم على جبل عرفة محرمين وملبين بعد أن باتوا في منى.
لم يكن إعلام الحمَدَين بحاجة إلى أن يصل إلى هذا المستوى من تسييس الحج والفجور في الخصومة، فحجاج قطر لا ذنب لهم في الأزمة السياسية التي تعيشها حكومة قطر، ولا يجب الاستمرار في محاولة تسييس الحج، فقد أصبحت الأمور واضحة للجميع، وبدلاً من إطلاق هذه التصريحات في هذه الأيام، ومع جولة وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف في المنطقة، كان يفترض أن يستغل نظام الحمدين وجود لافروف في الدوحة لطرح أفكار وحلول تخرجه من أزمته، التي أصبحت تتفاقم يوماً بعد يوم ولم يعد لها حل، لا بالإثارة الإعلامية، ولا بالدعاية الدبلوماسية مدفوعة الأجر، إنما المطلوب أن تجد قطر حلولاً عملية، وأن تقوم بخطوات وإجراءات صادقة تسهّل من مهمة كل الوسطاء سواء الأشقاء في الكويت، أو غيرهم من وزراء خارجية الدول الذين حاولوا حل هذه الأزمة، وليس الإصرار على الهروب أكثر إلى الأمام من خلال إعلان التبرؤ من حجاجها، وبث الخوف في نفوسهم تجاه ما قد ينتظرهم عند انتهائهم من مناسك الحج وعودتهم إلى بلدهم قطر.