بقلم : محمد الحمادي
مهمة تلك الكلمة التي ألقاها تميم بن حمد أمير قطر بالأمس في اجتماعات الدورة الـ72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأميركية، وهذه الأهمية لا تكمن في مضمون الكلمة فهو مضمون فارغ من أي حقيقة، كما أنه خطاب مكرر وفيه كثير من الاستجداء والشكوى لدول العالم، كما أنه كان خطاباً ضعيفاً من حكومة تدعي المظلومية!
والمهم في هذا الخطاب هو شكله، الذي كشف لكل متردد ومحايد، بل ومتعاطف مع قطر في هذه الأزمة أن قطر لا تريد حلاً للأزمة وفي الوقت نفسه أن الخطاب الإعلامي القطري الذي نسمعه ونشاهده طوال الأشهر الثلاثة الماضية سواء على قناة الجزيرة أو الصحافة القطرية أو الإعلام الرقمي والتواصل الاجتماعي هو خطاب الشيخ تميم شخصياً، ففي خطاب البارحة قال
كل ما كنا نسمعه وكشف القناع عن موقفه الذي يقول إنه مستعد للحوار وفي الكلمة نفسها وعلى الورقة نفسها التي يقرأ منها بعد عدة أسطر، أو قبل عدة أسطر يكيل الاتهامات الكبرى للدول المقاطعة ودول الجوار فيتهمها بأنها تُمارس الإرهاب ضد شعبه وبلده! وفِي الوقت نفسه يتكلم عن أسباب المقاطعة واصفاً إياها بأنها «مزاعم عبثية» ثم يقول لدول العالم أمام الجمعية العامة إن الدول المقاطعة لم تقدم دليلاً على اتهاماتها! وهذا استخفاف ساذج بعقول البشر، وتعامل سطحي مع دول العالم التي استمعت إليه دون أن تعرف ماذا يريد من خطابه.
فقد تكلم الشيخ تميم أمام دول العالم عن مأساة شعب الروهينجا في ميانمار، وعن احترامه لحقوق الإنسان، ونسي حقوق أبناء قبيلة الغفران وشيخ آل مرة!.. وقال إنه يدين التطرّف والإرهاب، ويظن أن ممثلي العالم الذين أمامه لا يعرفون أنه مول جماعات الإرهاب، وأنه يؤوي في الدوحة الإرهابيين ودعاة العنف والكراهية ودعاة القتل، وعلى رأسهم مفتي الانتحار القرضاوي!
وفي استجدائه الرخيص للأمم المتحدة ادعى الشيخ تميم أن هناك تدخلاً في شؤون بلده الداخلية، وهو يتوهم أن العالم لا يعرف دور قطر التخريبي في مصر، وكأن العالم لم يسمع التسجيلات التآمرية بين الشيخ حمد بن خليفة والقذافي ضد المملكة العربية السعودية، وضد الملك عبدالله شخصياً رحمه الله! وضد البحرين وليبيا.
يريد الشيخ تميم حواراً بناء مع إيران على أساس الاحترام وعدم التدخل في شؤون الآخر، وربما فاته أن يستمع إلى الكلمة التي سبقته وكانت للرئيس ترامب وهو يتكلم عن إيران ويضعها ضمن «الدول المارقة»، وقال فيها إن «النظام في إيران لا يصدر إلا العنف والفوضى ويجب أن نتصدى لإيران»، ولم يقل يجب أن نتحاور مع إيران! ربما لا يريد أن يستوعب من كتب خطاب الشيخ تميم أن جيران قطر يعتبرون إيران نظاماً يرعى الإرهاب، ويعمل على زعزعة أمن واستقرار المنطقة وقبل ذلك هو الذي يرفض الحوار.
أعتقد أن هذا الخطاب الهش والمرتبك لن ينساه الشيخ تميم، وسيتذكره طول العمر كما لن ينساه كل من وقف معه.