بقلم : محمد الحمادي
اللافت في السلوك السياسي لقطر أنه لا يبحث عن نهاية لأزمته، وإنما يستمر في الإساءة إلى نفسه ولمن يقفون معه! فما لفت انتباه العالم، أمس، أن أمير الكويت، وهو الوسيط الذي يتفق عليه الجميع، يحاول من واشنطن، ومع الرئيس الأميركي، التوصل إلى حلول لأزمة قطر مع جيرانها، وإنهاء مقاطعتها، وفي المقابل تقوم قطر بتقويض هذه الوساطة بعد دقائق من انتهاء المؤتمر الصحفي الذي عقد الخميس الماضي في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، والذي أعلن فيه الشيخ صباح قبول قطر بالمطالب الـ 13، ولكن جاء الرد سريعاً من الدوحة على لسان وزير الخارجية القطري، بأن ما سماها الشروط الـ 13 أصبحت من الماضي!!
لقد أثار هذا المؤتمر الكثير من ردود الأفعال، وفي الوقت نفسه حاول الطرف القطري فهمه بالطريقة التي تناسبه، والحقيقة أن هناك ثوابت لا يمكن القفز عليها ولا تجاهلها ولا تغييرها في الأزمة القائمة منذ ثلاثة أشهر بين قطر والدول الأربع، فلا أحد يمكن أن يقفز على أساس حل هذه الأزمة، وهو التزام وقبول قطر بالمطالب الـ 13، وكذلك من غير المنطقي أن تضع قطر الشروط قبل بدء الحوار! فإذا أرادت إنهاء الأزمة، فيجب أن تبدي استعدادها الواضح والصادق للالتزام بما ستتعهد به، أما الأمر الآخر والمهم في هذه الأزمة، فهو أن الحل العسكري لم ولن يكون مطروحاً، وهذا ما أكده البيان الذي أصدرته الدول الأربع بعد انتهاء المؤتمر الصحفي، فهذا الخيار لم يكن مطروحاً في أي مرحلة من مراحل الأزمة، وبالتالي فإن فهم البعض أن هذا الخيار تم استبعاده غير صحيح، وترويج الإعلام القطري أن «الكويت تُفشل غزو قطر» هو من أساليب الإثارة الرخيصة التي انتقدها الشيخ صباح خلال المؤتمر الصحفي، والتي يفترض أن يبتعد عنها الإعلام القطري.
أما الأمر الآخر المهم جداً في هذا المؤتمر الصحفي الذي جمع بين الرئيسين، هو تأكيد الشيخ صباح معاناة الكويت سابقاً من الإعلام القطري، وهذا ما يؤكد أن قطر لم تترك دولة من دول الخليج إلا وحاولت العبث بأمنها، وهذا أحد أهم أسباب الأزمة القائمة حالياً، فالدول التي قاطعت قطر أعلنت أسبابها منذ اليوم الأول للمقاطعة، وهي دعم وتمويل قطر للإرهاب، وإيواؤها إرهابيين، وارتباطها بدول تدعم الإرهاب، والأمر الآخر هو تدخل قطر في الشؤون الداخلية لجيرانها، وإثارة المشاكل في تلك الدول كالبحرين والسعودية والإمارات، وكذلك مصر وليبيا وسوريا والعراق، وغيرها.
لوضع النقاط على الحروف بعد هذا المؤتمر الصحفي، قام ترامب بإجراء اتصال هاتفي بأمير قطر، أكد فيه ضرورة الالتزام بمخرجات قمة الرياض ومكافحة الإرهاب، أما الخارجية الكويتية، فقد أشارت يوم أمس، وبعد أن هدأت عاصفة المؤتمر الصحفي، إلى تقديرها لبيان الدول الأربع الذي يؤكد الحرص على وضع حد للخلاف مع الدوحة.. بعد هذا اللقاء الأميركي الكويتي، أصبح واضحاً أن الكل يريد إنهاء الأزمة، إلا قطر!