بقلم : محمد الحمادي
ارتباك قطري كبير في التعامل مع ظهور الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني، وبداية انقسام في الأسرة الحاكمة في قطر، فهذا الظهور لا يبدو عشوائياً، وإنما هو مقصود ومؤثر والبعض يرى أنه إيجابي، فالشخص الوحيد الذي يمكن التحدث إليه في قطر اليوم هو الشيخ عبدالله بن علي، ففي حالة العناد والتعنّت التي تعيشها الحكومة القطرية لم يعد يمكن الجلوس مع أحد من المسؤولين في قطر والحديث إليه والتفاهم معه، فكل شيء يُفهم بالعكس، وكل اتفاق يتم نقضه، وكل تفاهم يتم الانقلاب عليه، بل وأصبحت القيادة القطرية تستقوي بالغريب الإيراني والتركي، وتطلب وساطة الأميركي والألماني، وتطلب مساعدة الإسرائيلي ليس لحل أزمتها، وإنما للضغط على الدول الأربع المقاطعة للتراجع.
لذا وبغض النظر عن الدور الذي يمكن أن يلعبه الشيخ عبدالله في المستقبل، يعتبر صوت العقل والحكمة، وهو الشخصية الوحيدة التي يمكن الجلوس معها والوثوق بها، خصوصاً أن أصل المشكلة هو انعدام الثقة في القيادة القطرية.
ثمانون يوماً والعرب ينتظرون كلاماً منطقياً وحواراً ناضجاً ووعوداً موثوقة من حكومة قطر، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث، بل كل ما جاء من قطر هو الصراخ والعويل والتهديد والتشويه وقلب الحقائق والحملات الإعلامية المغرضة، فضلاً عن رفض الاستماع لصوت العقل والمنطق!
لذا كان ظهور الشيخ عبدالله بن علي إشارة إيجابية ليس للعرب فقط، وإنما للكثير من القطريين الصامتين داخل قطر والذين لا يستطيعون أن يتكلموا لأن الكلام المخالف للسائد في الدوحة عقابه معروف، وجزاؤه ناله مئات وربما آلاف القطريين ومنهم من أسرة آل ثاني.
لقد قالتها الدول العربية لقطر منذ اليوم الأول إن حل الأزمة في الرياض، فاختار حكام قطر الحاليون أن يذهبوا إلى الغريب، ووصلوا إلى النرويج ليقولوا إنهم ظُلموا ويطلبوا الدعم، وهم لم يكونوا بحاجة إلى كل هذا الجهد والتحليق آلاف الأميال، فالشيخ عبدالله بن علي عرف الطريق الصحيح لحل الأزمة، وأي عاقل يعرف هذا الطريق، فاتجه سموه إلى السعودية والتقى نائب خادم الحرمين، ليكتشف أن القلوب كانت مفتوحة له قبل أن تُفتح الأبواب، وفي جلسة واحدة أنهى موضوع حجاج قطر وزيادة، والسؤال كيف استوعب الشيخ عبدالله الوضع، ولم تستوعبه القيادة القطرية حتى اليوم؟ كيف فهم المواطن القطري العادي المشكلة، وعرف أين الحل، والقيادة القطرية تجوب عواصم العالم وتصرف المليارات ليس للدفاع عن نفسها، وإنما للإساءة إلى المملكة العربية السعودية، وتشويه صورة الإمارات ومصر والبحرين، ومحاولة تدويل الحرمين وتسييس فريضة الحج؟!
ما هوّن على شعوب الخليج هذه الأزمة هو هذا الظهور المشرف للشيخ عبدالله، فالكل كان يعرف أن بعيداً عن عصابة الحمَدَين هناك رجال في قطر لا يرضون بالخطأ، ولا يقبلون التآمر، ولا يسكتون عن الظلم والتخريب، فقطر جزء من جزيرة العرب ومن مجلس التعاون، وأحلام اليقظة التي عاشها «الحمدين» طوال عقدين جاء الوقت ليستيقظا منها ويحاسبا عليها .. أما أكثر ما يثير الانتباه في ظهور الشيخ عبدالله بن علي هو اتفاق جميع القطريين على شخصيته واحترامه... فهل تستفيد الحكومة القطرية من هذا الظهور؟!