بقلم : منى بوسمرة
حرقت قطر مليارات لا تعد ولا تحصى في حروبها الصغيرة والكبيرة في العالم العربي، وبدلاً من تخصيص هذه المليارات للشعب وللتنمية والحياة الكريمة، لم تجد الدوحة أي مشكلة في تبديد مواردها.
بعض التقديرات تتحدث عن مئات المليارات من الدولارات التي أنفقتها قطر على ما يسمى «الربيع العربي»، وعبر دفع كلفة هدم دول مستقرة وصناعة تنظيمات وأحزاب إرهابية، والتدخل عبر كل هذه الأدوات مالياً وعسكرياً وسياسياً في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ومصر وفلسطين ولبنان.
قطر تصنع طوائف عسكرية وسياسية تابعة لها بمال القطريين؛ إذ إن المال المتأتي من النفط والغاز تحوّل إلى لعنة على القطريين والعرب، وهذا يفسر بكل بساطة وجود عجز بعشرات المليارات في موازنات قطر للعام الفائت وهذا العام، خصوصاً مع انخفاض سعر النفط وجملة التغيرات الاقتصادية في العالم.
لا تعرف ما هي العقيدة السياسية التي تسمح لدولة أن تنحر نفسها وتنحر شعبها، وبدلاً من توجيه هذه الأموال لخير شعبها أو حتى لخير العرب، نجدها تحولت إلى وقود في نار هذه الصراعات، دون أن تسأل الدوحة نفسها سؤالاً أخلاقياً: هل يحق لها تبديد هذه الأموال لشراء الولاءات، وعقد صفقات السلاح، وتهريبه إلى التنظيمات والتحالفات المشبوهة، إضافة إلى كلفة الإعلام المتمثل في «الجزيرة»، وكل هذه الشبكة التي تديرها الدوحة في العالم؟
نحن بحاجة هنا، إلى جهة دولية، تحاسب وتقدر قيمة النفقات القطرية السرية والعلنية، على نشاطاتها الأمنية والعسكرية، إضافة إلى تقدير كلفة ما يسمى «الربيع العربي»، أو الفوضى الخلاقة التي أدارتها قطر، حيث تقول كل الدراسات إن كلفة هذا الربيع وصلت إلى آلاف المليارات من خسائر في الدول التي واجهت هذا الوباء، هذا فوق الحاجة إلى آلاف المليارات من أجل إعادة البناء ورأب الصدع الوطني في هذه الدول.
لقد آن الأوان أن يتم إنفاق المال في كل بلد على أبناء ذلك البلد، وعبر مساعدة الشعوب المنكوبة، أو تعزيز المساعدات للدول الفقيرة وإقامة مشاريع تنموية في العالم لخدمة البشرية، وبغير ذلك يتسبب المال في عمى سياسي، حين يتم توظيفه لسفك دماء الأبرياء من جهة، وحرمان القطريين من مال بلدهم.
الأغلب أن الدوحة تواصل المخطط ذاته، أي توظيف المال في معركة الهجوم على دول مجلس التعاون الخليجي، واختراق دول ومنظمات، وبدلاً من مواجهة قيادة قطر مسؤوليتها والوصول إلى حل مع الإمارات والسعودية والبحرين، مثلما غرّد الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن «الحل عند سلمان»، فإنها تواصل السياسة ذاتها، وفيها تقايض المال والمصالح وتبدد موارد القطريين من أجل تصنيع موقف عالمي لمصلحتها.
كان بإمكان الدوحة أن تختصر الكثير من هذه المقامرات على مستقبل قطر والقطريين، فنحن أمام نموذج للدولة المقامرة التي تعبث وتلعب بمواردها، من أجل غايات أقلّها ترويع شعوب العالم وشعوب عربية، وتمجيد وتصنيع الإرهاب وجماعاته، وإمدادهم عبر وكلاء ووسطاء بالرواتب والمخصصات والسلاح.
كل دولة في هذا العالم، لا تحترم شعبها أولاً، وتبدد مواردها كما قطر المقامرة، ستواجه مصيراً سيئاً، ليس أقل منه هذه القرارات التي اتخذتها الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، وهي قرارات كانت الدوحة المتسبب الأول والأخير فيها، حتى يتأكد كثيرون أن الدول التي أخذت قرار المقاطعة لا تبحث عن عداوة مع أحد، لكنّ الدوحة التي تواصل مقامراتها، تظن أن الجميع قابل للعبة ذاتها ونتائجها، وهذا وهم لا يختلف عليه أحد.