بقلم : منى بوسمرة
في توقيتات متقاربة، يتبنى العالم الدعوات التي أطلقتها الإمارات من أجل محاربة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله، وهي دعوات واصلت الإمارات على مدى سنوات تأكيدها، وهي جوهر للقرارات التي تم اتخاذها إزاء قطر، التي تعد أحد أكبر ممولي الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح.
إذ في فترة متقاربة، شهدنا زيارات مؤثرة عالمية إلى دول ذات مكانة في القرار العربي والعالمي، وزيارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إلى مصر وفرنسا ثم صربيا، وتأكيده أهمية محاربة الإرهاب، وتجفيف منابع الدعم والتمويل للتطرف، تؤكد أن الإمارات ستبقى عنواناً للسلام من جهة، ولن تتراجع عن خطها المناهض للإرهاب وضرورة إنهاء هذه الظاهرة الدموية.
منذ سنوات والإمارات تحض دول العالم على الوقوف معاً في وجه الإرهاب قبل أن يكبر ويتفشى مثل الوباء، وبسبب حياد بعض الدول وتآمر دول أخرى كبرت فعلياً ظاهرة الإرهاب وبات لها آباء يتبنونها ويمولونها، وها نحن نرى الإرهاب يضرب في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر ويمتد إلى عواصم عالمية، مما يثبت أن الدعوة الإماراتية لم تكن مبنية إلا على رؤية استراتيجية للقيادة، وحين نقرأ تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد في هذه الزيارات وما سبقها، نعرف أن هناك تشخيصاً دقيقاً لما يجري في العالم من إرهاب، تقف الإمارات في وجهه، باعتباره يهدد السلم العالمي وحياة الأبرياء في كل مكان.
هذا الإجماع العالمي رأيناه في قمة الرياض العربية الإسلامية الأميركية بخصوص الإرهاب، ووجّه أكثر من رسالة إلى الدول الداعمة، وقد جددت الإمارات والسعودية الموقف ذاته بإجراءاتها إزاء الدوحة التي تعد أبرز الأطراف العربية التي ترعى الإرهاب وجماعاته، في الوقت الذي لم تطلب فيه الإمارات والسعودية والبحرين ومصر من قطر أن تكون تابعة، أو أن أحداً يريد فرض الوصاية عليها، فكل ما تريده دولنا أن تتخلى الدوحة عن الإرهاب، وإلا فإن المقاطعة مستمرة إلى ما لا نهاية.
من هذه الزاوية حصراً نفهم موقف واشنطن أيضاً، فالرئيس الأميركي الذي بادر أمس إلى تهنئة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز بعد توليه ولاية العهد في السعودية، ركز في اتصاله الهاتفي على أمرين يرتبطان فعلياً بعضهما ببعض، الأول محاربة الإرهاب وتجفيف منابع دعمه، والثاني ضرورة حل النزاع مع قطر.
هذا يعني فعلياً، أن حل النزاع مع قطر أساسه تجاوب الدوحة مع ما تريده دول جوارها، أي التخلي عن الإرهاب ودعم الميليشيات والأحزاب وكل أشكال الإسلام السياسي التي باتت مسبباً أساسياً لكل هذا الخراب في العالم العربي.
لو استمعت قطر منذ البداية إلى ما تقوله الإمارات والسعودية عن ملف الإرهاب لما وصلت المنطقة إلى ما وصلت إليه، وحين نقرأ التوافقات في المواقف السياسية بين الإمارات ودول مهمة مثل فرنسا والولايات المتحدة وغيرها من دول، ندرك أن موقف الإمارات لم يأتِ من فراغ، وهذا ما نلمسه من إعادة تأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لمواقف الدولة بخصوص الإرهاب الذي لم يعد ممكناً التهاون معه.
لا خيار أمام الدوحة إلا نبذ الإرهاب، ولم يعد ممكناً لها أن تعاند جوارها الخليجي ثم العرب والعالم، لأنها ستكون وحدها الخاسر الأكبر.