بقلم - منى بوسمرة
تتجنب الدول المتزنة في علاقاتها، مع دول أخرى، كل كلفة قد يتعرض لها شعب هذه الدولة أو تلك، وكثيراً ما تجنبت دول في هذا العالم، الخلافات، من أجل مصالح شعوبها أولاً، وخضعت لهذا المعيار فقط.
وحدها قطر، تستحق أن يتم تدريس تجربتها في كليات السياسة الدولية، وفي ورش البث والتحليل، إذ تقدم نموذجاً مغايراً، ومختلفاً عن كل دول العالم، إذ تضحي بشعبها، وبثروته، دون أن تأبه لرد فعلهم، أو لكلفة هذه السياسات، حتى لو أدى ذلك إلى حرمانهم من حقوقهم الدينية، بما في ذلك الحج والعمرة، فلا محرمات أمام الدوحة الرسمية، وكل شيء يقبل المتاجرة، والبيع والشراء في مزادات السياسة.
منذ قرار الدول الأربع بمقاطعة الدوحة، على خلفية سياسات الدوحة المؤذية في العالم العربي، وليس للدول الأربع وحسب، لم تترك الدوحة وسيلة إلا وقامت بتوظيفها، من أجل الظهور بصورة زائفة أمام شعبها، وأمام العالمين العربي والإسلامي، وعواصم العالم، والغاية في ذلك رسم صورة الدولة التي تعاني من المظلومية، حتى لو كان ذلك بسبب سياسات الدوحة ذاتها، التي أدت فعلياً إلى إيذاء القطريين أولاً.
أكثر من موسم حج، مر على المسلمين، منذ قرار المقاطعة، وعرقلت قطر وصول حجاجها إلى الديار المقدسة، برغم أن المملكة العربية السعودية، قدمت كل التسهيلات لهم، وعاملتهم معاملة الشقيق لشقيقه، فهذه هي المملكة التي كانت دوماً سنداً لكل العرب والمسلمين، لكن الدوحة أبت إلا أن تعبث بكل مقدس، فمنعت وصول حجاجها، ووضعت اشتراطات من أجل عرقلة وصولهم، واتهام المملكة بذلك، زوراً وبهتاناً.
لقد عبرت المملكة مجدداً، عن حرصها على قدوم الحجاج القطريين، وهذا ما تثمنه الإمارات، دوماً، وتراه دليلاً على رشد المملكة، ولهذا يكتب وزير الدولة للشؤون الخارجية، د. أنور قرقاش على حسابه عبر تويتر قائلاً إن «دعوة وزارة الحج والعمرة في المملكة العربية السعودية الشقيقة دولة قطر إلى تسهيل إجراءات مواطنيها في أداء مناسك الحج واجبة وعاقلة، العقبات التي تفرضها قطر على حجاجها أهم سقطاتها في إدارتها لأزمتها، الأولوية أن لا تسيّس قطر الحج وهي تدرك ضعف منطقها وحجتها».
الحج والعمرة، هنا، نموذج، يعبر عن سياسات الدوحة، لكن القسوة في هذا النموذج، تتعلق باستعداد الدوحة الرسمية، أن تحرم مواطنيها من الحج، وتسيس الدين والمناسك، وهذا يعطي الدليل على استعدادها لفعل أشياء أخرى، في مجالات أقل قدسية من الدين، خصوصاً، المجالات الدنيوية التي تسببت عبرها بأذى للشعب القطري، وحياته، وسفره، وتجارته، وعلاقاته الاجتماعية، ونسبه، وغير ذلك.
لقد آن الأوان أن يدرك الشعب القطري الشقيق، أن ممارسات الدوحة الرسمية، لا تحلل ولا تحرم، لكنها وراء هذه المكابدة، التي وصلت الحج، وإذا كان هناك من لوم لا بد من توجيهه فهو ذاك اللوم الذي يوجهه الكل إلى الدوحة الرسمية التي تسارع للارتماء في أحضان أطراف إقليمية ودولية، ودفع ثمن هذا الارتماء، لكنها تحرم شعبها، من أبسط حقوقه الإنسانية والدينية.