بقلم - منى بوسمرة
من التمكين، إلى المشاركة، إلى صناعة الحدث واتخاذ القرار، ثلاث مراحل مترابطة نقلت المرأة الإماراتية في أقل من خمسين عاماً، إلى كل مواقع العمل لتشكل أكثر من نصف القوة العاملة في الدوائر والمؤسسات الحكومية، ولتؤكد نجاحها وتثبت قدرتها على تحمل المسؤولية إلى جانب شريكها الرجل.
هذا الإنجاز الذي تسجله المرأة وتتقدم فيه سنوياً، ما كان ليتحقق لولا القوانين والتشريعات والسياسات التي تفتح لها أبواب المساواة والتوازن بين الجنسين، ما جعل الإمارات تتصدر المشهد العربي في هذا المجال، وتنافس في نفس الوقت على المراكز الأولى في المؤشرات العالمية للتوازن بين الجنسين.
ومع قيام الاتحاد، كانت القوانين والتشريعات تفتح للمرأة أبواب التعليم والعمل والمشاركة وتمنحها الحق في تحديد مستقبلها، فكانت البداية مع النص الدستوري الذي يصون المساواة بين الجنسين، ثم توالت القوانين التي تعزز من حضور المرأة في مسيرة التنمية وتوفير الظروف والبيئة التي تؤهلها للقيام بدورها باعتبارها إحدى ركائز صياغة مستقبل الوطن، حيث نراها اليوم في كل القطاعات، ليست عاملة فقط، بل قائدة وصانعة قرار، سواء في القطاع العام أو الخاص.
ليس هذا فقط، بل إنها أدت دوراً وطنياً بالغ الأهمية حين تقدمت الصفوف لإغلاق الفجوة في تركيبة القوى العاملة في الدولة، فهي اليوم في صدارة مشهد التوطين، خصوصاً في الدوائر والمؤسسات الحكومية، وهو دور ما كان ليتحقق لولا فهم المرأة لدورها الوطني في التنمية والنهضة، وإدراكها أن الوطن بحاجة لجهود رجاله ونسائه معاً لتحقيق أهدافه وطموحاته.
وراء هذه الجهود في تحقيق التوازن بين الجنسين، قيادات ومؤسسات وطنية، كانت حريصة على تنفيذ السياسات والتشريعات التي حرصت القيادة على إقرارها ضمن نهج متواصل، لذلك كان محمد بن راشد حريصاً أمس على تهنئة الفائزين في مؤشر الإمارات للتوازن بين الجنسين؛ تقديراً لجهودهم في هذا المجال، وتأصيلاً لدور المرأة في التنمية والازدهار، باعتباره واجباً عليها وحقاً من حقوقها أيضاً، والتأكيد على الإسهامات الجليلة للمرأة الإماراتية في بناء وتطور الدولة خلال الخمسين عاماً الماضية.
بل إن سموه ذهب إلى أبعد من ذلك بتأكيد أن التوازن بين الجنسين هو أحد أولويات الدولة وأن دعم المرأة وتوفير البيئة والشروط اللازمة لانخراطها الكامل في البناء والنهضة هو نهج مستدام وسيتواصل بتشريعات وسياسات تعزز دورها كشريك رئيس في مختلف مجالات التنمية وصناعة المستقبل.
لذلك تبدو مؤشرات دور المرأة في المرحلة المقبلة والإمارات على أبواب مرحلة الخمسين سنة القادمة، أكثر فاعلية وحضوراً؛ لأن المهمة كبيرة، والطموح مرتفع، وإذا كانت مشاركتها في عملية التنمية خلال الخمسين سنة الماضية، تقل عن 50%، فإن المرحلة المقبلة، تدعوها لتجاوز تلك النسبة، وتحقيق التفوق العالمي، ليس في التوازن بين الجنسين وتكافؤ الفرص فقط، بل في القيادة والتأثير لصناعة غدٍ أفضل بالمشاركة بين سواعد الرجال والأيادي الناعمة، وما تحقق حتى الآن، والنهج الحكومي المستدام في هذا الإطار، يحمل تباشير ذلك.