بقلم - سمير عطا الله
دخلنا اليوم الخامس عشر من الحجر، أو الحجز. ولاحظ جنابك، كم تُغيّر نقطة صغيرة من مفاهيم ودلائل الكلام. فالحجر للعموم، والحجز للمشبوهين. والشعور بالبراءة هو الفارق كله في تحمُّل هذه الصعوبة القاسية عندما تتحول فكرة المنزل من متعة وراحة وملاذ إلى إقامة جبرية، مجردة حتى من حق استقبال الضيوف.
وأكثر من خَطَرَ في بالي في هذه الوحدة، العزيز «روليهلاهلا» المعروف باسم نيلسون مانديلا. لقد حطّم نيلسون في 27 عاماً من زنزانة السجن، أعتى وأقبح نظام عنصري. وخرج من جزيرة روبن ضاحكاً، ماداً يده إلى سجانه الذي كان يسمح له بتلقي رسالة واحدة كل ستة أشهر، وزيارة واحدة كل نصف عام. والسجان هو الآن مدير المتحف، أي السجن الذي كان فيه، والممرات التي كان ينظفها وحشوة القطن التي كان يتدرب عليها الملاكمة.
تراه كان أكثر بشري استحق الحرية الكبرى؟ بعد 27 عاماً خرج ليعفو عن جلاّديه. وترك للرجل الأبيض حصة في الحكم. وجنّب البلاد حرباً أهلية بالسواطير كما في رواندا. وبدل أن يبقى في الرئاسة مدى الحياة، وما بعد الحياة، كما فعل مهرج الجارة زيمبابوي، خرج إلى منزله صباح، وليس ظهر، اليوم الأخير من ولايته.
ولا تماثيل ولا نصوب ولا ملصقات ولا منّة رخيصة على أحد. 27 عاماً بلا كتاب أو قلم أو ورقة. يجب أن نتذكر أمير أفريقيا ونحن نمضي عقوبة الحجر القسري، وعندنا الكتب والورق والآيباد وناقل نشرات العالم، الذي لم يعد يحمل من الأخبار، سوى أنباء هذه الجائحة.
كالعادة، تبحث الناس عن الفوائد في المصائب. وفي لبنان هي واضحة تشاهدها على الطرقات: لا سيارات، ولا حركة مرور، ولا جرائم سير. وبما أن شر البلية هو دائماً ما يُضحك، فقد أصدرت حكومة الجمهورية اللبنانية أمس قراراً يعمم التقيُّد بالتوقيت الصيفي. ساعة لقدام.
شو بدك بالحكي، حلو القانون، والأحلى من القانون العزف عليه في ساعة الإفلاس. الدنيا مغلقة والشركات مقفلة والمدارس في البيوت والحكومة همها في التوقيت الصيفي. في سويسرا لم يعد التوقيت الصيفي يعني شيئاً. وكل عام في مثل هذا الوقت تنشر «التايمس» اللندنية مقالاً افتتاحياً تدعو فيه إلى إلغاء هذه الخرافة، التي لا تعني شيئاً ولا تفيد في شيء. مجرد تقليد قديم نسيت الدولة أن تغيره لأنه في دائرة الرتابة والبلادة. ارحموا من ليس لديهم شيء يقدمونه للناس. على الأقل فلنحفظ التقدم في التوقيت. ساعة بقرب الحبيب.