بقلم ـ مشعل السديري
جسر هاورا أحد أكبر جسور الهند، وهو من أهم معالم مدينة كالكتا في الهند، والذي يمتد فوق نهر هووغلي، مهدد بالانهيار ليس بفعل الرياح الموسمية التي يشتهر بها إقليم البنغال، وليس بسبب مئات الآلاف من المارة والسيارات التي ترتاده يومياً، وإنما بسبب تآكل الحديد في قاعدته بفعل بصاق المادة الحمضية الناتجة عن مضغ نوع من المهدئات المخدرة يطلق عليه مستحضر (البان).
هؤلاء الملايين من الهنود يواظبون على مضغ مستحضر البان، وهو مزيج منعش لونه أحمر مكون من نبتة التنبول والجوز والليمون المشبع، يمكن مشاهدة كتل من هذا المزيج بوضوح حول الشماعات المعدنية المدعمة للجسر، والتي تتسبب في إضعاف تلك الدعامات بمقدار النصف.
وحرصت السلطات مؤخراً على تنظيف الجسر بشكل مستمر من آثار المستحضر والبصاق الذي يسهم في زيادة تآكل الجسر. وفي محاولة لمنع الجسر من الانهيار اقترح بعض المهندسين المختصين بتغطية دعائم الجسر بمادة الفايبر غلاس.
وأخيراً استقر رأيهم؛ فبدلاً من أن يمنعوا هذا المستحضر، ويفرضوا الغرامات على كل من يبصق، قرروا أن يهدموا الجسر نهائياً ويقيموا جسراً جديداً من مواد لا تتأثر بذلك المستحضر، من أجل أن يستمتع الشعب بالمضغ والبصق.
تذكرت ذلك الجسر عندما وصلني (واتساب) بعث به لي أحدهم، وهو لأحد الإخوة من اليمن وكان يتحدث وصدغه الأيمن ممتلئ بلقمة كبيرة من (القات) بحجم القنبلة اليدوية من دون مبالغة، وبالكاد كنت أفهم مخارج ألفاظه، وهو يقول بما معناه:
إنه بعد دراسات مستفيضة واطلاعات واستشارات في الموضوع اكتشف اكتشافاً خطيراً! ما هو؟!، أنه لا يوجد مرض «كورونا» في العالم، وهو عبارة عن زكمة عادية، بس عيال الحرام غيروا الاسم بدلاً من الزكمة قالوا «كورونا»... مرض خبيث ينتشر باللمس.
وأردف قائلاً: أنا فدى الشعب اليمني وأطلب من الدولة تشيلني وتحطني في المكان الذي فيه «كورونا» أو يبعثوني إلى أميركا أو بريطانيا، ويدخلوني في نصهم أشرب وآكل معاهم وأحضنهم وأحبحبهم، فإذا مت فأنا أنصح الشعب اليمني أنه يأخذ احتياطاته من «كورونا» ويعملوا باللي يقولونه لهم، أما إذا لم أمت وما فيني شيء فمعنى هذا أنها مجرد ألاعيب ما في داعي لحظر التجول وغيره من الإجراءات - انتهى.
ومشكلة القات لا تقل عن مشكلة (البان) في الهند، فكلها (مضغ وبصق) وتلويث للبيئة وضياع للمال والعقل والوقت، ولا شك أنها آفة يصعب الخلاص منها إلا بالكثير من التضحيات.