بقلم - مشعل السديري
أوضح أكاديمي سعودي أن إنتاج المياه المعالجة في السعودية يزيد على 4.5 مليون متر مكعب يومياً، الذي يستخدم منها نحو 18.7 في المائة فقط، بينما يجري التخلص من الكميات المتبقية التي تقدر بـ3.7 مليون برميل يومياً بطرق لا تخلو من أخطار بيئية وصحية، عدا الخسارة الفادحة نتيجة إهدارها وعدم الإفادة منها، خصوصاً مع ما ذكرته منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، أنه بحلول عام 2025 يمكن أن يعاني ثلثا سكان العالم من نقص المياه.
وتصديقاً لكلام ذلك الأكاديمي، فقد قدرت دراسة حديثة أنه يمكن أيضاً للطاقة المتأصلة في مياه المجاري أن توفر الكهرباء لـ158 مليون أسرة، أي ما يقرب من عدد الأسر في الولايات المتحدة والمكسيك مجتمعتين.
هذا هو جوهر ورقة فريدة أعدها معهد المياه والبيئة والصحة التابع لجامعة الأمم المتحدة، الذي يؤكد أن هناك اليوم اعترافاً متزايداً بأن العوائد الاقتصادية المحتملة الهائلة وغيرها من الفوائد البيئية من مياه المجاري متاحة، ونحن نحسن استعادة المياه والمواد المغذية والطاقة من مجاري مياه الصرف الصحي.
ويقول الدكتور عبد الرحمن الصغير إن الاستفادة من هذه الكميات من المياه في مشاريع تشجير بيئية واقتصادية جبارة ومدروسة بعناية وبفكر غير تقليدي، سيتيح للقطاع الخاص الاستثمار والمشاركة في هذا المجال الحيوي، مضيفاً أن ذلك كفيل بإضافة مئات الملايين من الأشجار لمنظومة التشجير في المملكة، ما يسهم في تحسين البيئة والمناخ وتحقيق جودة الحياة ورؤية 2030 الخاصة بمكافحة ظاهرة التصحر، وتلبية التزامات المملكة وواجباتها تجاه البيئة والتغير المناخي، ويحلّق بالمملكة مع منظومة الدول التي تحتفل بزراعة مئات الملايين من الأشجار.
وما دمنا في هذا الصدد (الصحي)، فأذكر لكم موقفاً حصل معي ولا أحسد عليه، فقبل سنوات كنت في مدينة نيويورك الأميركية، وأتى لي في غرفتي بالفندق صديق أميركي من أصول لبنانية لأمر ما، وبينما كنت أتجاذب معه أطراف الحديث، استأذنت منه وذهبت إلى الحمام – أعزكم الله - وملأت كأساً من صنبور الماء المكتوب عليه عبارة: صالح للشرب، وعدت له وأنا أرتشف منه عدّة رشفات، واستغربت من ضحكاته وهو يشاهدني أفعل ذلك، وتبلّمت عندما قال لي:
هل تعلم يا مشعل أن هذا الماء الذي في كأسك قد شربه قبلك ما لا يقل عن سبعة أشخاص؟! عندها كادت الكأس تسقط من يدي، وذلك عندما تذكرت أنه مضى لي عشرة أيام بلياليها وأنا (أقربع) منه كلما عطشت.