بقلم - مشعل السديري
أريد أن أكتب عن اللص السابق التائب محمد رشدي عبد القادر من سوهاج بمصر – وتعمدت أن أكتب اسمه صريحاً، لأنه ألّف كتاباً عن حياته، يريد منه أن يكون عبرة.
وهو يذكّرني – مع الفارق - بالشخصية الأوروبية الخيالية «توم كروز»، أو الشخصية البدوية أيام الجهل الذي كان يطلق عليها مسمّى «النهاب الوهاب».
واتجه راشد للصوصية بعد أن شاهد مسلسلاً تلفزيونياً أُعجب فيه ببراعة مَن أدى دور اللص، لذلك توجه إلى القاهرة، واختار نشاطه في الأحياء الراقية.
ويقول إنه علم من الصحف أنه سرق شقة الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب السابق في مصر، والذي تولى رئاسة البلاد مؤقتاً عقب اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، وشقة نجل المشير عبد الحكيم عامر وزير الدفاع الأسبق، وشقة سعيد الفطاطري سفير مصر السابق في عدة عواصم أوروبية، وغيره من سفراء الدول الأجنبية ورجال الأعمال «المريّشين».
وعاش حياة مترفة وكان يمتلك سيارات أجرة، وعمارة سكنية، ولديه ملايين الجنيهات في البنوك.
أما عن نهايته كلص فبسبب سيدة مسنة، ويقول إنه عند سرقته للشقة فاجأته هي وبدأت في الصراخ، فطلب منها إبلاغ الشرطة، ولم يكن يرغب أبداً طيلة حياته أن يعتدي على ضحاياه بدنياً، وهي المرة الأولى التي يُكشف فيها، ومكث بالشقة حتى وصلت الشرطة وألقت القبض عليه.
ويوضح أنه فعل ذلك لأنه كان ملمّاً بالقانون، فلو قتل السيدة لكي يفلت بجريمته، فهنا يكون قد ارتكب جناية عقوبتها قد تصل للمؤبد أو الإعدام، أما جريمة السرقة أو الشروع فيها فهي جنحة لا تزيد عقوبتها على 6 أشهر، وفي السجن قرر التوبة واتجه للصلاة وقراءة القرآن.
وعقب خروجه طلب مقابلة اللواء محمد عبد الحليم موسى وزير الداخلية الأسبق، وتنازل أمامه للدولة عن كل ممتلكاته التي جمعها من السرقة، وكافأه الوزير برحلة حج.
ويا ليت الوزير المصري فعل مع رشدي، مثلما فعل رئيس الأمن الفرنسي عام 1864 مع اللص الذي دوّخ فرنسا، وهو فرنسوا فيدول، فبدلاً من أن يودِعه السجن، عقد معه اتفاق تعاون بحكم خبرته في هذا المجال، على مبدأ: «أعطِ الخباز خبزه»، واشترط فيدول أن يكون له الرأي الأول والأخير، ووافقوه على ذلك، وما هي إلاّ سنة واحدة حتى انخفضت السرقات في أنحاء فرنسا 95%.
والآن صورة اللص السابق معلقة في وزارة الداخلية الفرنسية، واسمه مكتوب تحتها بماء الذهب.