بقلم - خالد منتصر
عندما قال ماكرون إن الإسلام فى أزمة غضب واستنكر الكثيرون، وعلى رأسهم رجال الدين، هل ما زالوا بنفس درجة الاستنكار والغضب بعد حادث قطع وجز رأس أستاذ التاريخ فى ضاحية باريس من طالب شيشانى مسلم، عمره ١٨ عاماً فقط، صرخ قبل ذبحه الله أكبر، لم يعزف الجاز أو يرقص الماكارينا، لكنه ذبح وبتر وفصل الرأس مقتنعاً بأنه يحمى الدين ويرد الإهانة عن الرسول الصادق الأمين، الرسول الذى لو شاهد تخلف المسلمين اليوم لقال إن حالكم يا مسلمين وتخلفكم ووضعكم فى ذيل الأمم هو أكبر إهانة لى كنبى ورسول، كانت أول كلمة أوحيت إليه هى اقرأ!!
أليست أكبر إهانة للرسول ألا يستطيع أبناؤه وأتباعه ولا تستطيع الدول الإسلامية حماية نفسها إلا بالقواعد الأمريكية والبريطانية والأسلحة الغربية؟، أليست إهانة ألا تستطيع دولة عربية إسلامية، سواء تصنيع صاروخ أو طائرة أو حتى عصاية مقشة؟!!!، إن ما يقدّم من فتاوى متضاربة كوميدية صناعة شيوخ البيزنس فى بورصة الفضائيات يُعد أكبر إهانة للعقل وللرسول نفسه؟، إن الآلاف الذين يموتون فى هستيريا رجم الشيطان على جسر الموت أثناء فريضة المفروض فيها أن تهذّب النفس وترقى الروح.. يموتون نتيجة فتاوى الدعاة الكاجوال وشيوخ السبع نجوم.. كل هؤلاء دماؤهم هى أكبر إهانة لنبينا العظيم؟، أليست إهانة للرسول أن تكون معظم كمبيوترات المسلمين من صنع «أنتل»، الذى مكانه دولة إسرائيل؟!، أليست إهانة أن تكون ميزانية إسبانيا أو فرنسا أو ألمانيا هى أضعاف أضعاف الدول العربية؟ وأن يكون مستخدمو الإنترنت وعدد الكتب المطبوعة فى إسرائيل بالنسبة لعدد سكانها أضعاف أضعاف الدول الإسلامية التى تحتل كتب الجان والخرافة معظم رفوف مكتباتها؟، أليست إهانة للرسول ألا توجد جامعة إسلامية واحدة فى ترتيب أفضل خمسمائة جامعة فى العالم؟!!
إن الإهانة العظمى للرسول محمد الصادق الأمين أن تصبح الدول الإسلامية أكبر مجتمعات فى مؤشر الفقر وتدهور التعليم وانتشار الرشوة والفساد وحوادث الإرهاب فى العالم كله، إن أكبر إهانة للرسول العظيم أن تصنع الصين البوذية الكونفوشيوسية الكافرة من وجهة نظرنا لأبنائه المسلمين سجاجيد صلاتهم ومسابحهم وجلابيبهم وبوصلات تحديد قبلتهم وحتى فوانيس عيالهم الرمضانية؟، أليس من العار والمهانة على خير أمة أخرجت للناس أن تتسول أربعة أرغفة من كل خمسة من أمريكا، وأن تكون كل أدوية علاج مرضاها والأدوات الجراحية وأجهزة الأشعة والتحاليل وحتى البلاستر والشاش وصبغة اليود والميكركروم... إلخ من إنتاج الغرب الكافر؟، أليست إهانة للرسول ألا يخترع مسلم واحد من خمسمائة سنة أى اختراع، حتى ولو صامولة؟!
أليست إهانة للرسول أن تكون نهاية من تعرض للعذاب والنفى فى سبيلهم أن يصبحوا من سكان الغابات والكهوف والأشجار إذا ما قرّر الغرب مقاطعتهم فعلاً، ليصبح سلاح المسلمين خردة بدون قطع غيار، وتصبح أدويتهم تراباً بدون مواد خام، ويصبح طعامهم عفناً بدون سماد وبذور ومبيدات الكفرة، وتصبح ملابسهم خرقاً بالية بدون ماكينات غزل ونسيج الأجانب من فسطاط الكفر؟، أليست إهانة للرسول أن يتم سجن ومطاردة ونفى وقتل من يدافعون عن صورته ضد قصص وحكايات وأحاديث أنه قد سُحر، أو أنه قد انتقم من قوم بسمل أعينهم وقطع أطرافهم وتعطيشهم حتى الموت، أو أنه كان يطوف على نسائه بغُسل واحد، وأنه أوتى قوة أربعين رجلاً فى الجماع، وأنه تزوج طفلة.. إلى آخر كل هذه القصص التى صارت مقدسة عند معظم المسلمين، وصار من يحاول تفنيدها فى طابور الضحايا المرشحين للقتل والنفى والسحل والتجريس وتلويث السمعة وتكدير الحياة.
فى النهاية، علينا أن نسأل أنفسنا وأن نجيب بشجاعة، من الذى أهان الرسول حقاً، الرسوم الكاريكاتيرية الفرنسية، أم الأحوال المزرية المتخلفة الإسلامية؟.