بقلم : طارق الشناوي
انفردت (المصرى اليوم) حصريا بهذا التقرير، الذى نشرته أمس الصحفية الدؤوبة هالة نور، استعداد (الكينج) محمد منير لإحياء أربع حفلات فى القدس ورام الله وحيفا وغزة.
سيشارك منير المطرب المصرى الألمانى الجنسية عادل الطويل، الذى غنى مع منير من قبل (عالم واحد).
لا أتصور أن الأمر سيمر بكل البساطة التى كتب بها الخبر، أو فكر فيها منير، لم يتم تحديد الموعد النهائى، من الواضح أن الأمر مرتبط بحالة الاحتراز، حيث بدأنا نستمع إلى أخبار عودة الحياة الطبيعية ببطء فى العالم، واستئناف بعض رحلات الطيران، وعلى هذا سيتم اختيار الموعد وفقا لكل تلك الاعتبارات، أنا مع غناء منير فى (رام الله) و(غزة)، بينما أرى أن خطوة الغناء فى (القدس) و(حيفا) تظل بحاجة ملحة للمراجعة، ما الذى قدمته إسرائيل كخطوة على طريق السلام العادل وعودة حقوق الفلسطينيين؟، على العكس ازدادت شراسة ونهما وهى تضم إليها (الجولان) وتعتبر (القدس) عاصمة أبدية لها.
هل تصمت النقابات الفنية على هذا الاختراق العلنى؟ وهى التى تحذر أعضاءها من الغناء فى (رام الله) عاصمة السلطة الفلسطينية، فما بالكم بأن هناك أيضا فى المعادلة (حيفا).
هل حصل منير على ضوء أخضر؟ الأمور ملتبسة، لا أعتقد أن منير لا يدرك خطورة الإعلان عن تلك الحفلات، كما أنه يؤكد فى نفس الخبر «سأكون مثل السادات»، نقترب بهذا التلميح من منطقة ملتهبة، السادات كرئيس جمهورية كانت لديه مساحات مغايرة فى التحرك السياسى، إلا أنه فى نهاية الأمر لم يتدخل فى فرض التطبيع الثقافى على النقابات الفنية.
النقابات ملتزمة بقرار الجمعيات العمومية الذى صدر عام 1980، برئاسة سعد الدين وهبة، وتم تجديده أيضا بحضور سعد الدين وهبة فى منتصف التسعينيات.
التحرك الفردى لأى مثقف أو فنان بعيدا عن مظلة النقابة ليس أبدا فى صالح الوطن، التناحر الداخلى بين أعضاء النقابة سيتحول إلى خنجر يتبادل كل فريق طعن الآخر وفى النهاية ستكسب لا محالة إسرائيل، وسنخسر جميعا.
قلت أكثر من مرة إن المنطقة الضبابية التى تعيش فيها النقابات الفنية الثلاث ستحيلها فى القادم من أسابيع، ولن يزد الأمر عن شهور إلى ساحة اقتتال، وكل من فى قلبه حقد أسود على آخر سيجدها فرصة للنيل منه، بعد أن يضع غطاء من الوطنية على خنجره المسموم.
الأمر برمته أمام رئيس اتحاد النقابات الفنية عمر عبد العزيز والنقباء الثلاثة مسعد فودة السينمائيين، وأشرف زكى الممثلين، وهانى شاكر الموسيقيين.
محمد منير عضو عامل فى نقابتى الموسيقيين والممثلين، وعليه الامتثال للقوانين التى لم تفقد حتى الآن شرعيتها، لأنها صادرة من أعلى سلطة وهى الجمعيات العمومية، على النقابات الفنية أن تحدد هل الغناء فى (رام الله)- حيث تقاوم السلطة هناك من أجل تأكيد الهوية- يعد تطبيعا أم هو واجب، وعلينا جميعا مؤازرة الشعب الفلسطينى، الذى يحفر هويته بالموسيقى والغناء والسينما والمسرح والشعر والأزياء والفن التشكيلى.
ويبقى على صديقى محمد منير أن يعيد التفكير مرتين، السفر إلى (حيفا)، مهما توافرت الدوافع، فليس هذا أبدا استراتيجيا هو التوقيت، السلام ليس مقابل السلام، ولكنه مقابل الأرض، وحتى الآن لا تريد إسرائيل سوى السلام، وتتهرب من دفع الثمن، وكلما أمعنا فى السلام أمعنت هى فى الاغتصاب!!.