بقلم : طارق الشناوي
(خبط لزق) أعلن محمد منير على صفحات «المصرى اليوم» عن مشاركته فى إقامة حفلات ترفع شعار السلام فى رام الله وغزة والقدس وحيفا، ثم بعدها بساعات و(خبط ولزق) أيضا، ومع الزميلة هالة نور أعلن عن تراجعه، هو فى الحقيقة لم يكن المصدر المباشر فى خبر التراجع، طبقا لما هو منشور، مصدر قريب الصلة من منير، هو الذى تحمل مسؤولية تمرير خبر الاعتذار أو التراجع أو التأجيل، أيا ما كان التوصيف الصحيح، أما الأسباب فلم يعلن عنها، أشار إلى أنه سيحتفظ بها لنفسه.
عند إعلانه عن الحفلات قال إنه سيسير على خطا الرئيس الراحل أنور السادات معلنا السلام للجميع، بينما فى الاعتذار، وجد أنه من الأفضل ألا يوضح شيئا، وعلى القارئ أن يضع هو الأسباب، التى دعته خلال تلك الفترة الزمنية المحدودة إلى تغيير موقفه.
(حبة فوق وحبة تحت) ما هو الدافع فى الحالتين، ومن الذى يلعب دور السادات سوى فقط السادات، الذى قرر أن يؤديه بعد انتصار 73، لا يحق لأحد أن يكمل طريق بدأه السادات فى سياق تاريخى مختلف، ومتعدد الأوجه، من الذى ورط منير أول مرة وتركه بعدها وحيدا فى الطريق ثانى مرة، لا يعرف حتى ثقافة الاعتذار، ولما يتحملها مصدر وثيق الصلة بمنير؟
كانت ولاتزال قناعتى بضرورة أن نشارك فى كل التظاهرات الثقافية والفنية فقط فى (رام الله) و(غزة) ليصبح هذا هو المشروع الاسمى، ولكن طبقا لقرارات النقابات الفنية، ليس من حق منير أو غيره الغناء حتى فى (رام الله)، لأنه سيدخل إليها عن طريق موافقة أمنية مسبقة إسرائيلية.
أمور معقدة من الناحية الشكلية، وكما قال لى قبل نحو أربع سنوات وزير الثقافة الفلسطينى السابق د. إيهاب بسيسو- حاليا يشغل موقع رئيس المكتبة الفلسطينية- قال لى إنه يتمنى أن يرى الفنانين والمثقفين المصريين فى رام الله أحبته وأنا أيضا، إلا أن الزيارة يجب أن تتم فى إطار شرعى، ولا جدوى من الاجتهاد فى مثل هذه القرارات وعلى النقابات الفنية تقنين الموقف حتى لا نجد أنفسنا جميعا داخل نفق مظلم.
لا أحد يتحرك وفقا فقط لقناعته الشخصية مها كانت من وجهة نظره صائبة، وإلا ستشتعل النيران داخل النقابات الفنية، ولكن على النقابات أن تدرس جدوى امتناعنا عن السفر حتى الآن إلى رام الله.
ويبقى فى النهاية الدرس للجميع، ما الذى كان سيجنيه منير سياسيا من الغناء فى حيفا سوى ترسيخ خطوة غير محسوبة بدأها فنان كبير بحجمه وشعبيته وحضوره الطاغى ومواقفه الوطنية التى لا يزايد فيها عليه أحد، لتتعدد بعدها الاختراقات بحجة أن (الكينج) فعلها، وإذا وجدت نقابة الموسيقيين لديها حرج فى تطبيق اللائحة على منير، وبالتالى العقاب الذى يصل للرفد، فماذا تفعل لو وجدنا غيره يكررها؟ هل يتحول الأمر برمته إلى قانون (ساكسونيا)، يحاكم الضعفاء عن الجرائم، بينما يحاكم ظلال الكبار على نفس الجريمة، الضعيف قد يشنق أو يجلد بينما الكبير يشنق ويجلد فقط ظله.
الذهاب طواعية للغناء فى حيفا ويافا وعكا بحجة السلام، فى ظل كل المتغيرات الحالية، هو الضربة القاضية لأى معنى له علاقة حقيقية بالسلام!!