بقلم - طارق الشناوي
الحقيقة هى ما نراه نحن بزاوية إطلالتنا المحدودة، فهو نسبى، بينما الحق مطلق لأنه قراءة بمختلف الأبعاد تتجاوز حتى حاجز الزمن، لا يمكن لأحد مثلا أن يكتب عن وزير الإعلام الأسبق صفوت الشريف موقنا من كل التفاصيل، خاصة أن بعضها يستحق توصيف سرى للغاية.
صفوت فى حياته كان لا يسمح بأن يدفعه أحد للبوح بشىء هو فقط الذى يحدد السؤال وليس فقط الإجابة، تلك هى تركيبة رجل المخابرات، التى ظلت ملازمة له، كما أنه لا ينسى أدق التفاصيل، حكت لى راقصة استعراضية أنها كانت تجرى بروفات قبل احتفالات أكتوبر، وحضر صفوت ووجدها بين المجموعة، لا ترتدى حذاء احتج، فى البروفة التالية رآها بين عشرات بالحذاء فابتسم لها.
حكى لى أحد الشعراء أنه كلفه بكتابة أوبريت أكتوبر، فأراد ألا يكرر الزفة إياها (اخترناه اخترناه واحنا معاه لمشاء الله)، يبدو أنه كان متأثرا بالشاعر أحمد شفيق كامل المظلوم تاريخيا رغم سجله الحافل الذى كتب (حكاية شعب) عام 61 (قولنا ح نبنى وادى إحنا بنينا السد العالى)، فى العام التالى كتب (مطالب شعب)، التى تبدأ (عايزين عايزين يا جمال عايزين) فكانت كلها مطالب للزعيم.
شاعرنا الشاب بدأ بذكر إنجازات مبارك وأضاف فى النهاية (عايزين عبور تانى)، على الفور تنبه صفوت، ولم ينتظر تحول هو إلى شاعر وقال له خليها (عايشين عبور تانى)، ضبط أيضا كما ترى الوزن والقافية.
هو أدرى قطعا بما يمكن أن يثير غضب الرئيس، رغم أن ما تردد بعد إبعاده 2004 إلى مجلس الشورى، أنه عرض لقاء للرئيس الأسبق، فى أحد مستشفيات ألمانيا بعد إجرائه جراحة حساسة، وكان مرتديا البيجامة، مما أغضب عائلة الرئيس.
صفوت تمتع بنفوذ قوى هذه حقيقة، ولكن فى فيلم (كشف المستور) لوحيد حامد وعاطف الطيب عام 94 تعثر الفيلم كثيرا فى الرقابة، وتردد بقوة أن صفوت ألمح إلى أن هناك تعريضا به فى الأحداث، ورغم ذلك عُرض الفيلم بدون حذف، ونكتشف على الجانب الآخر، أن مسلسل (العائلة) لوحيد حامد عُرض فى نفس العام، الذى تحمل المسؤولية رغم اعتراض الأجهزة صفوت الشريف.
كان الإذاعى الكبير حمدى قنديل مستبعدا تماما من الظهور على (ماسبيرو) والذى أعاده صفوت بناء على توصية مبارك لأنه كان يشاهد برنامجه فى (أرت) ومعجبا به، وتحمل صفوت العرض على مسؤوليته الشخصية، تجاوز حمدى الخط الأحمر فأوقفه صفوت، كان صفوت صاحب مبادرة عودة محمد حسنين هيكل للتليفزيون المصرى، اشترط هيكل البث المباشر على الهواء، وهو ما لم يستطع صفوت الموافقة عليه، فتوقفت لغة التفاوض وشاهدنا بعدها هيكل فى (دريم).
هناك قطعا حكايات متعددة عن موقف السيدة سوزان مبارك الإيجابى مع فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق، والسلبى مع صفوت الشريف، يوما فضفض لى المذيع محمود سلطان محللا سر الجفوة مع صفوت ولكن لغياب سلطان لا يمكن نشرها.
عندما كان يقترب شهر رمضان ويتقدم ابنه إيهاب بأعمال فنية من إنتاجه فى عز قوة (ماسبيرو) كان صفوت يقول للجان الاختيار« لو جاملتم ابنى بالعرض ح تدفعوا التمن»، وغالبا كانوا يشعرون أن ثمن رفض العرض أفدح بكثير، فيأتى الإمضاء بالموافقة، ما ذكرته هو جزء مما أعرفه، وأتصور أنه الحقيقة، إلا أنه ليس قطعا وبالضرورة الحق، لأن أغلب ما يحيط صفوت الشريف (سرى للغاية).