بقلم - طارق الشناوي
أمس، مرَّ عيد ميلاد شادية رقم 90، تذكرها أيضا موقع (جوجل)، رغم أن شادية من المستحيل أن تغيب عن مشاعرنا.
حضور شادية كان ولايزال طاغيا، لم ألتق الفنانة الكبيرة سوى مرة واحدة، فى سهرة أقامها بمنزله أبوها الروحى الموسيقار الكبير محمود الشريف، حيث كانت تحفظ أغنية (غربتنى الدنيا عنك يا حبيبى)، إلا أنها فى النهاية تراجعت عن تسجيلها، ومنحها الشريف لياسمين الخيام التى كانت فى مطلع الثمانينيات تعتبر من مطربات الصف الأول فى الغناء العاطفى وليس فقط الدينى أو الوطنى.
شريط بروفة الأغنية الذى يجمع بين الشريف وشادية أهديته للإذاعة المصرية فى برنامج (من تسجيلات الهواة) تقديم الإذاعية الكبيرة مشيرة كامل، أتمنى أن تتاح الفرصة لهذا التسجيل وعشرات غيره لكى تتنفس عبر أثير إذاعتنا.
لماذا لم تغن شادية اللحن الجميل؟.. ليس لدى إجابة قاطعة.. ربما لم تتحمس بقدر كافٍ، مما دفع الشريف إلى إسناده لياسمين. أتذكر أن الشريف بدد كل مخاوف شادية حتى لا تنزعج من تواجدى فى سهرة خاصة، أخبرها أننى فى مكانة الابن، جاءت بعدها ابتسامتها كلها ود وترحيب.
شاركتها عشاء عبارة عن لحمة رأس وفشة وكرشة وتوابعها، وحرصت على دعوة فوقية التى كانت تعمل فى بيت الشريف لمشاركتنا الطعام، تناثرت فى السهرة حوارات متعددة عن عدد كبير من الشخصيات الفنية، وقالت العديد من الآراء العميقة، ليس من حقى البوح بها.
شىء واحد استوقفنى قبل سنوات تناولته عبر برنامج كنت أعده وأقدمه فى قناة (سى بى سى) اسمه (حكايات فنية) هو أن رصيد شادية الغنائى هو الأغزر، غنت لفوزى والشريف ومنير والسنباطى والموجى وبليغ وغيرهم، ويبقى لغز نُدرة ألحان عبدالوهاب لها، حيث لا تتعدى ثلاثة فقط النشيد الجماعى (وطنى الأكبر)، و(أحبك أحبك وأضحى لحبك)، ثم (البسبوسة).. تفسيرى أن عبدالوهاب يريد دائما أن يصبح الأول على خريطة المطرب، حتى لو تأخر اللقاء، ولكنه وجد أن شادية تألقت أكثر مع الآخرين ولن تصل معه لذروة أبعد.. البعض يقول إن عبدالوهاب غضب منها عندما زادت مساحة فيلم (زقاق المدق) عام 62، وكان ينبغى حذف أغنية، وجاءت المفاضلة بين أغنيتى (جونى) تلحين الموجى و(بسبوسة)، فضحت بـ(بسبوسة) مما دفع موسيقار الأجيال لعدم التعاون معها.. يجب ملاحظة أن مخرج الفيلم حسن الإمام لا يُفرض عليه رأى حتى لو كانت بطلة الفيلم، كما أن (زقاق المدق) شارك فى إنتاجه عبدالوهاب باعتباره شريكا فى (صوت الفن)، فهل يحذفون من الفيلم لحن منتج الفيلم؟!، عقلى يرتاح أكثر إلى أن عبدالوهاب لم يجد أن ألحانه ستضعه على القمة على صوتها فقرر الابتعاد.
وتبقى فى جعبتى حكاية رواها لى الملحن الكبير خالد الأمير- أطال الله فى عمره- والذى تألق على صوت شادية بالعديد من الألحان، بدأت مع رائعة (اتعودت عليك يا حبيبى).
قال لى الأمير إن شادية هى الأقرب وجدانيًا لأم كلثوم، وكانت تأخذ بنصيحتها فى كل تفاصيل حياتها الفنية والشخصية، واستخدمت تلك الوصفة (الكلثومية) لضمان جلاء الصوت، تناول قبل الحفل مباشرة فنجان قهوة عليه نقطة جاز، فى حياة أم كلثوم وشادية لم يذكر أبدًا أى منهما تلك الوصفة السحرية.. فهل هى حقًا سحرية؟!.