بقلم - طارق الشناوي
ماذا عن زمن الفن الجميل؟ الإجابة التى صارت معتمدة أنه زمن الحب والوفاء والعطاء، وكأننا نتعامل مع ملائكة لم يخترق الحقد ولا حتى الغيرة يوما قلوبهم، الحقيقة الدامغة تؤكد أن الصراع بين القمم كان هو العنوان، وفى كل شىء حتى السياسة، كان سعد باشا زغلول يتشكك فى وطنية مصطفى باشا كامل.
فى شعر الفصحى كان شوقى يشعر بالضيق الشديد لأنهم يكتبون اسمه فى جملة واحدة مع حافظ، والذى يعقب قائلا لماذا يغضب شوقى؟ وجودنا فى جملة واحدة لا يعنى أبدا التساوى، فهم يقولون (عسل وبصل) يعتبرنى أنا البصل، فى الشعر الغنائى بيرم التونسى وأحمد رامى، كتب التونسى هجائية (يا أهل المغنى دماغنا وجعنا) تحديدا للسخرية من أغانى أحمد رامى، بينما رامى كان يتفق من الباطن مع الشاعر فتحى قورة لكتابة مقالات يسخر فيها من أغنيات أم كلثوم التى تغنت فيها بشعر بيرم.
لن أحكى لكم عن صراع عبد الحليم وفريد ولا عن أم كلثوم وعبد الوهاب ولا حتى عن أم كلثوم وعبد الحليم، ولكن عبد الوهاب وفريد الأطرش، كان فريد لديه قناعة مطلقة بأن عبد الوهاب هو العدو الحقيقى، وهو الذى يحول فى اللحظات الأخيرة دون لقائه بعبد الحليم، فلقد كان حليم يجرى معه بروفات العديد من الأغانى على العود، ثم يتهرب فى الرد على تليفوناته، وهو ما تكرر مع أم كلثوم، الفاعل الأصلى فى الحالتين هو عبد الوهاب، ولهذا كثيرا ما كان يُثنى فريد على رياض السنباطى وتحديدا ألحانه لأم كلثوم على طريقة (الكلام إلك يا جارة)، بينما السنباطى لم يعترف أبدا بالأغنيات التى رددتها أم كلثوم لبليغ ولا الموجى، فكان يتمنى أن تسمح له أم كلثوم بمراجعتها أولا وهو ما رفضته (ثومة)، ولهذا كان يسخر مثلا من (أسألك روحك) قائلا إنها تذكره بـ(اعملها على روحك)!.
بينما الموجى كثيرا ما كان يقلل من قيمة ألحان بليغ، خاصة لعبد الحليم، ويعتبرها مجرد صخب وزعيق، بل واتهم أيضا بليغ بأنه روج تشنيعة بأن زوجته السيدة أم أمين، كانت تتفق مع أحد المشعوذين، وتضع السحر تحت سرير عبد الحليم حتى يتوقف عن الغناء لبليغ، وأشار الكاتب الكبير أنيس منصور إلى ذلك فى عمود له منتصف السبعينيات، ثم بعد ذلك قدم له الموجى الدليل على أن بليغ هو الذى دبر تلك التشنيعة، فهاجم أنيس بليغ.
توقفت طويلا مع تلك المناوشات بين الصديقين اللذين صارا عدوين لدودين، محمود شكوكو وإسماعيل ياسين، عرفا معا طريق النجومية، وكانت السينما منذ مطلع الأربعينيات تضعهما معا فى الأفلام لضمان مضاعفة معدل الضحك، فجأة فى النصف الثانى من الأربعينيات، بدأ نجم إسماعيل يتوهج وصاحب ذلك خفوت فى نجومية شكوكو، كان إسماعيل يرى أن شكوكو بينه والسينما خصام والكاميرا لا تحبه، بينما شكوكو يقول إن إسماعيل ثقيل الظل، لا يعترف به أبدا حتى كمنولوجيست، وأطلق عليه (نكاتيست) من النكتة، وأضاف وحتى النُكت ليست من تأليفه، لكنها لممثل خفيف الظل اسمه عبد الغنى النجدى كان يبيع له الواحدة بجنيه.
عندما صار إسماعيل ياسين فى الخمسينيات النجم الأول لم يسمح فى أفلامه أبدا بوجود شكوكو، الذى كان يؤكد أن (سُمعة) يتعمد ذلك لأنه يعلم جيدا أنه بمجرد حضوره سيسرق منه الكاميرا، خدعوك فقالوا إنه (زمن الفن الجميل)!!