بقلم - طارق الشناوي
الهدف الأسمى الذى شغل بال صفوت الشريف ليل نهار هو أن يرضى عنه الرئيس، وفى كل عيد للإعلاميين يذكر له رقمًا، وهو قطعًا حقيقى، يؤكد من خلاله أن ساعات البث تضاعفت 100 مرة عن زمن السادات.. طبعًا لم يسأله الرئيس عن قوة التأثير. كانوا يطلبون أحيانًا من النجوم الذهاب للمدينة، رغم أنهم انتهوا من تصوير أعمالهم، لأن الرئيس حسنى مبارك بصدد الذهاب للزيارة، ولاحظ أحمد زكى أن لديه (أوردر) للمدينة، وسأل المخرج متعجبًا: (انتهيت من التصوير أمس)؟ أجابه: (مبارك ح يزور المدينة)، فقال أحمد: (أنا مش قرد فى حديقة الحيوانات).
لم تكن الدولة كلها خاضعة للوزير، مثلًا المشير أبوغزالة فى عام 83 اعترض على استمرار عرض مسلسل (صاحب الجلالة الحب)، الفيلم يتناول حرب 48، ولكن الجمهور شعر أنه يُسقط الأحداث على هزيمة 67، فطلب أبوغزالة إيقاف العرض.. وبالفعل، الحلقات الثلاث الأخيرة أدمجت فى حلقة واحدة، ومنعت الدولة تصدير الأشرطة للخارج، المشير أبوغزالة فى تلك السنوات كان فى أوج قوته ويستطيع فرض رأيه، فكيف يتصدى للموظفين؟!.
أشرت بالأمس للإعلامية ميرفت رجب التى واجهت الشريف أمام الرئيس علنًا، إلا أنه فى النهاية دفعها بعد سبعة أشهر لتقديم استقالتها من رئاسة التليفزيون، أيقنت أنه من الممكن أن يدبر لها مكيدة على الهواء، رغم أن المعلن هو استقالتها بسبب رفضها إنتاج برنامج عن فنون طهى الطعام تكلفته مليون جنيه، فحدثت أزمة، أتصور أنها تحسبت فيما هو أبعد لمكيدة تحاك لها على الهواء فى لقاء رسمى لرئيس الجمهورية، ليقيلها بعدها بنفسه الرئيس.. وهكذا تأتى الضربة من صفوت قاضية.
الكل كان يعلم أن أشرف صفوت الشريف هو صاحب شركة (عرب سكرين)، وهناك منتج منفذ يتعاقد مع (ماسبيرو) باسم الشركة المتخصصة فى إنتاج البرامج والمسلسلات وأيضا الأفلام، ولا يجرؤ أحد على الرفض، رغم أن الشريف يحرص على أن يوصى اللجان فى كل مرة بمعاملة ابنه أشرف بمنتهى القسوة، بينما الكل يعلم أنه لو أراد حقًا رفع الحرج لكان الأَوْلَى به أولًا أن يمنع ابنه من الإنتاج، مثلا فيلم (الكافير)، المفروض أنه يشيد ببطولة رجال المخابرات العسكرية، رغم أنه من أضعف الأفلام فنيا، ولاقى أيضا هزيمة جماهيرية فادحة رغم الحفاوة به فى مختلف قنوات التليفزيون، وحتى يجنب صفوت شركة (عرب سكرين) الخسارة تفتق ذهنه عن تلك الحيلة، بأن تشترى الدولة الفيلم لعرضه على قنواتها، بحجة أنه واجب وطنى، ودفعت الدولة أعلى رقم وقتها مليون جنيه، ومنذ ذلك التاريخ والفيلم حبيس أرشيف التليفزيون لا يجرؤون على عرضه.
ما الذى فعله الشاعر الكبير سيد حجاب عندما اعترض صفوت الشريف على شطرة شعرية كتبها فى أوبريت من تلحين أشرف محروس؟!، حضر صفوت البروفة النهائية قبل افتتاح مهرجان (القاهرة للإذاعة والتليفزيون) بأربع وعشرين ساعة فقط، وبحضور الإعلامى الكبير حسن حامد رئيس القنوات المتخصصة، استوقف صفوت أربع كلمات (عايزين إعلام بحق وحقيق)، فقال: (أول مرة أعرف إن إحنا ماعندناش إعلام بحق وحقيق يا حسن)، فقال له حسن: (ح تتغير بكرة) واستدعى حسن حامد المخرج المنفذ للعرض سيد فؤاد، المشرف الحالى على قناة نايل سينما، الذى تواصل مع حجاب، فقال له «خد بكرة شريط الصوت الجديد»، واستمع الناس إلى المجموعة تردد: (أهو ده الإعلام بحق وحقيق)!!.