بقلم - طارق الشناوي
كلما التقيتها أحاول أن أستمع إلى حديثها الممتع المرصع بالحكايات الشيقة والمبهجة، عن حبيبها الذى صار زوجها وملهمها الفنان الكبير أبو بكر عزت. فى السنوات الخمس الأخيرة لم أعد ألتقيها، واحترمت صمتها، ولم أسأل حتى صديقى د. خالد منتصر زوج ابنتها الكاتبة سماح أبو بكر، ظلت الكاتبة الكبيرة كوثر هيكل تحتل فى قلبى مساحة دافئة، وكان لدى من حسن حظى مساحة تسمح لى بأن أبحر معها مع أحلى وأهم إنسان عاشت معه نحو 30 عاما، وعاش بعدها فى وجدانها 15 عاما، فأنا أيضا أحببت الأستاذ أبوبكر فنانا وإنسانا.
دائما أكتشف فى كل حوار لى مع كوثر هيكل أن أبو بكر يجلس بجوارنا، ويزداد مع الزمن حضورا ووحشة، ترى الحضور فى نظرات عينيها وتسمع الوحشة فى نبرات صوتها، هو من أول من أطلق تعبير حزب (الكنبة)، كان هو وصديقه الحميم صلاح السعدنى يتبادلان هذا (الإيفيه)، بعد أن زادت مساحات بقائهما فى المنزل فصار الاسم الحركى لكليهما (كنباوى).
كوثر لا تعترف أبدا بالكنبة فهى دائما فى حالة نشاط ذهنى وجسدى، كلما التقينا تشع طاقة إيجابية تملأ المكان وتفيض.
كان حسين كمال هو أكثر مخرج آمن بموهبتها منذ أن عملت معه مساعد مخرج فى فيلمه التليفزيونى (رنين)، ثم استعان بها فى كتابة حوار فيلمه الرائع مع فاتن حمامة (إمبراطورية ميم) حتى جاء اللقاء الأهم (حبيبى دائما) عام 1980، ثم (العذراء والشعر الأبيض) وغيرها.
أبوبكر عزت من أوائل الذين شقوا طريقهم للنجومية على سلالم ماسبيرو الوليد، وذلك مطلع الستينيات، فكان بطلا فى المسلسلات والمسرحيات التليفزيونية، سبقته سمعته كدونجوان من المستحيل مقاومته، طول وعرض وقيمة ووسامة ناهيك عن موهبته وخفة ظله، وجاء اللقاء الأول مع كوثر هيكل ولديها (السى فى) كاملا، ووصلت له الرسالة مباشرة لا وقت للشقاوة، فأخذ الحكاية بجدية، كان فقط يريد أن يتأكد أنها على الموجة فى كل شىء، وعزمها فى اللقاء الأول، على مسمط (لحمة راس) وقبلت التحدى، وأثبتت له جدارتها بل تفوقها والتهمت معه كل الأطباق تباعا، وعندما قال لها ليكى فى (الجوهرة)، لم تتردد لحظة واحدة فى إعلان أن ليها ونص، حتى اكتشفت أنها عيون العجل، فتوقفت تماما عن استكمال التحدى، إلا أنها أكملت طريق الزواج.
ولم يكن أبو بكر فقط الزوج والحبيب ولكنه الملهم كتبت له (عصفور فى القفص) الزوج أبو عيون زائغة، وكتبت أيضا وهى ترصد الحياة الزوجية (على نار هادئة). وكما كانت (لحمة الراس) سر العلاقة مع أبوبكر فلقد كانت الكفتة بالرز سر حسين كمال، كان بينهما فيلم مشترك وقال لها حسين إنه سيأتى إليها للقراءة، ولم تكن قد كتبت شيئا، مشغولة كست بيت فى عمل الكفتة بالرز، وقبل أن يعلن غضبه ويغادر المنزل استوقفته رائحة الكفتة أثناء القلى، أبدى إعجابه فمنحته واحدة فغضب أكثر، ولم يغادر المنزل إلا وهو محمل بالكمية كلها. كوثر هيكل غادرتنا أمس الأول، لم تنل ما تستحقه إعلاميا إلا أن بصمتها الدرامية من المستحيل أن تغادرنا، انتقلت لتعيش مع عصفورها أبوبكر عزت فى قفص الأبدية!