بقلم : محمد أمين
القضية التى تشغل الأمريكان الآن هى: هل يعود دونالد ترامب مرة أخرى إلى البيت الأبيض؟.. وهل صحيح أن السباق إلى 2024 بدأ من الآن؟.. قبل أيام كانت هناك احتمالات بالإدانة وترك العمل السياسى، ولكن إعلان مجلس الشيوخ براءته من تهمة التحريض على التمرد واقتحام الكونجرس فتح الباب أمام تساؤلات عدة حول مستقبل الانتخابات الأمريكية فى 2024، فقد أصبح بإمكان ترامب الترشح وممارسة العمل السياسى بعد قرار مجلس الشيوخ، ولكن السؤال: هل يترشح على رأس الحزب الجمهورى أم يؤسس حزبًا آخر، وحركة وطنية جديدة يخوض بها الانتخابات؟!
معلوم أن الأيام الأخيرة لترامب فى الحكم كشفت عن تدهور العلاقة بين ترامب وعدد من قادة الحزب الجمهورى، على رأسهم زعيم الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ.. الذى اتهم ترامب بأنه يستحق اللوم على اقتحام الكابيتول وتشجيع أنصاره على ذلك، وكان من أنصار محاكمة ترامب.. وبالتالى فإن التفكير وارد فى تأسيس حزب جديد يقال إنه «الحزب الوطنى»، وهو الأمر الذى قد يؤدى لحالة من الانقسام والاستقطاب فى أمريكا.. وسماها ترامب الحركة الوطنية لجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى!
معناه أن الحزب الجمهورى خسر دعم ترامب، وبدأت ملامح حركة جديدة سوف يدعمها أنصار ترامب، وسوف يدعم ترامب حكامًا فى منطقة الشرق الأوسط وسيدافعون عنه، ويدعمونه فى الانتخابات، بغض النظر عن منافسه غير المعلوم حتى الآن.. وأظن أن ترامب قد تعلم من تجربته فى البيت الأبيض أشياء كانت تنقصه أول مرة.. منها بناء أرضية إعلامية قادرة على تغيير الصورة، وإنشاء وسائل تواصل جديدة، والتدخل كرئيس سابق لحل بعض المشكلات الإقليمية، وتهيئة المناخ للانتخابات القادمة، ولو أزعج الديمقراطيين!
وقد تشغل تحركات ترامب الرئيس بايدن، فى الشؤون الأمريكية، فلا يأتى إلى هنا على الأقل فترة عام قادم، وبالتالى فالمؤشرات تقول إنه قد لا يتدخل فى شؤون المنطقة ولا يتدخل لحل مشكلة سد النهضة، وهناك بوادر لذلك، عندما قال بايدن: «حلوا مشاكلكم بأنفسكم» أو ما معناه.. وأرى أن المشكلة ستبقى أمريكية داخلية.. وقد يزيد الاستقطاب إلى حد كبير، وقد لا ينتهى بنهاية الانتخابات القادمة، بل ربما يزيد أكثر!
جاء ترامب أول مرة من خارج الصندوق أو من خارج الدولاب المعروف كما يقولون.. لا يفهم سياسة.. لكنه حين جاء قرر ألا يعود، وتعامل بعقلية التاجر الذى لا يعرف الخسارة، مهما كلفه ذلك.. إنها صفقة أولًا وأخيرًا.. وهى نغمة غريبة فى أمريكا، أثبتت هشاشة النظام الديمقراطى العتيق، كما قال بايدن نفسه!
باختصار، عودة ترامب للبيت الأبيض ليست حلم ترامب وحده، ولكنها حلم الكثير من أنصاره الذين وقفوا معه حتى آخر لحظة واقتحموا مبنى الكابيتول، وكسروا الديمقراطية.. وهم أعداد لا يستهان بها قد تتجاوز 70 مليون مواطن أمريكى، سيظلون على وفائهم وإن انتظروا أربع سنوات!.