بقلم : محمد أمين
اكتشفت أننا نعيش حالة جهل أثرى مزمنة، وأننا لا نعرف بلدنا بدرجة كبيرة كما يعرفها الأجانب.. واكتشفت أن معرفتنا بالآثار تقتصر على الأهرامات وأبوالهول شمالًا ومعبد الكرنك وأبوسمبل جنوبًا.. وهى معرفة فى الغالب سطحية من تناثر ما يتردد هنا وهناك.. فمصر تمتلئ بالكنوز على امتداد مساحتها.. فى كل مكان عندنا آثار مهمة وبها قصة تصل إلى حد الأسطورة!
وأعتقد أن الأمر سببه خيال المرشدين الذين يضيفون من عندهم بهارات إلى كل قصة.. حتى وصلت إلينا الأسطورة فى شكلها النهائى.. وأنا أكتب على استحياء فى هذه الأشياء وأضع فى اعتبارى أن الدكتور العالمى زاهى حواس قد يغضب من هذا الكلام ويقول الأسطورة فى حد ذاتها ثرية بدون بهارات.. وأقول له لقد سمعت كل قصة بعدة طرق، حسب المرشد، فلا تغضب!
وبهذه المناسبة، أرجو أن توفر الدولة زيارات لكل المناطق الأثرية لزيادة الوعى بكنوز مصر وأن تقوم وزارتا السياحة والآثار، والتعليم بذلك.. فمن الغريب ألا يكون هناك وعى بالأشياء التى يقرأونها فى الكتب.. وأن يقتصر ذلك على معرفة ذلك من المرشدين فى الأوراق التى يوزعونها.. كانت عندنا فرصة فى عام الكورونا أن نجرى هذه الزيارات.. منها للتعليم ومنها لتنشيط السياحة الداخلية!
عندنا قطاع كبير يعيش على السياحة ولم يعد لديه مصدر، وهؤلاء يبيعون المشغولات بجنيهات بسيطة الآن.. وقد كانوا يعيشون فى رغد قبل انقطاع السياحة الأجنبية.. من المهم أن توفر لهم الدولة أسلوب حياة، وكانت الدولة منذ سنوات تسيّر قطارات إلى أسوان لأسباب تعليمية.. وكان يحدث ذلك منذ عصر عبدالناصر بشكل إلزامى على طلاب المدارس!
من الغريب أيضًا أن الأجانب يقطعون آلاف الأميال ليأتوا إلى هنا لزيارة آثارنا ويضعوها فى أول صفحة من الكتاب الدراسى باعتبارها تراثًا إنسانيًا وباعتبارها ملكًا للعالم.
بينما أبناؤنا هنا لا يعرفون شيئًا.. ولو أنهم جاءوا إلى أسوان سيقدسون النيل ولا يلقون فيه بمخلفاتهم، وسيعرفون نيلًا آخر غير الذى ألفوه وعرفوه.. الفرق فى الناس وثقافة الناس.. أهل أسوان كانوا يعرفون أن ملوك مصر القديمة يقدسون النيل فقدسوه واهتموا به فلا يرمون فيه أى شىء يلوثه!
فى الزيارة إلى أسوان ركبنا مركبًا فى النيل. وزرنا بيت محمد منير، والناس هنا تغنى كل أغانى منير وترقص وتصفق.. حتى وصلنا إلى حديقة النباتات الملكية وهى من أندر النباتات ولها قصة ليس هذا مجالها.. أيضًا زرنا بيت أغاخان وقبة الهواء ومقابر النبلاء.. وتمتعنا بالشمس والهواء والنيل، وكانت مجموعة متميزة فيها فنانون ومهندسون وشباب، لا يجمعهم غير حب الحياة والرغبة فى الاستمتاع والمعرفة!.