بقلم: سليمان جودة
يعجبنى وفاء هذه السيدة تجاه زوجها وتجاه ما عاش يدعو إليه.. فهى لا تكاد تجد شيئًا يعيد تذكيرها به إلا وتكتب لى، وهى لا تكاد تصادف ما يمثل امتدادًا لما قضى الرجل سنوات من أجله، إلا وأجدها على التليفون بصوت حزين تقول إنه لو كان بيننا لأسعده كذا وكذا!
السيدة هى الفرنسية بريجيت إيديو، التى عاشت رفيقة حياة مع الدكتور على السمان، خلال سنوات أخيرة قضاها داعيًا إلى إحياء قيم التعايش بين الناس جميعًا، دون أى تفرقة على أساس الدين أو غير الدين.. لقد عاش إلى أن رحل، قبل ثلاث سنوات، ولسان حاله يردد آيتين فى القرآن الكريم، إحداهما فى سورة يونس تقول: «ولو شاء ربك لآمن مَنْ فى الأرض كلهم جميعًا أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين». وأما الثانية ففى سورة هود، تقول: «ولو شاء ربك لجعل الناس أمةً واحدةً ولايزالون مختلفين».
وفى ١٨ ديسمبر قبل الماضى كانت قد وقفت فى دير الدومينيكان فى العباسية تشارك الدير احتفاله بما قدمه زوجها فى قضية الحوار بين الأديان بالذات، ثم راحت تبكى وهى تقول إنه أنفق سنوات طويلة من عُمره فى سبيل هذه القضية، وإنه عمل من أجلها مع شيخين للأزهر الشريف: الإمام الأكبر جاد الحق على جاد الحق، ومن بعده الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوى يرحمهما الله!
وعندما وقّع الأزهر مع الفاتيكان اتفاقية قامت على أساسها لجنة للحوار المشترك فى روما ١٩٩٨، كان الدكتور على السمان، يرحمه الله، من بين الموقعين!
ثم دار الزمان دورته إلى أن جاء الرابع من نوفمبر ٢٠١٩، لتشهد أبوظبى توقيع الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، على «وثيقة الأخوة الإنسانية» مع البابا فرنسيس الأول!.. كانت الوثيقة هى الأولى من نوعها، بمثل ما كانت اتفاقية روما هى الأولى من نوعها أيضًا.. وكان الطريق من روما إلى أبوظبى هو الطريق الذى تقطعه المقدمات إلى نتائجها فى كل القضايا!
وفى هذه السنة كانت القضية على موعد مع خطوة أخرى مضافة، لأن منظمة الأمم المتحدة اختارت ٤ نوفمبر يومًا عالميًا للأخوة الإنسانية، بعد أن رأت المنظمة أن لجنة عليا للوثيقة، برئاسة المستشار محمد عبدالسلام، تسعى لترسيخ مبادئها دوليًا بين الناس!.. ولو عاش السمان إلى اليوم لكان أسعد الناس، حتى ولو لم يشارك فى الوثيقة توقيعًا ويومًا عالميًا، لأنه كان سيرى حصاد عمله أمام عينيه!.