خيوط التنوير الرمادية
نتنياهو يجري الاثنين أول نقاش مع القيادات الأمنية حول الموقف من الاتفاق النووي الإيراني "الديري" عصابات من الأجانب بسوق العمل المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية يعلن عن وجود إصابات في صفوف الأطفال والشباب بالسلالة المتحورة في العراق مقتل قيادي في ميليشيا حزب الله العراقية جراء انفجار عبوة ناسفة بمحافظة بابل مجلس التعاون الخليجي يدعو للتهدئة في الصومال وحل الخلافات بالطرق السلمية إيران تتهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتسريب تقارير سرية عن نشاطها النووي الشرطة الأفغانية تعلن عن 3 انفجارات منفصلة في العاصمة الأفغانية كابول تخلف 5 قتلى على الأقل وجريحين الخارجية السودانية تعلن أن وزارة الخارجية الإثيوبية أصدرت بيانا مؤسفا يخوّن تاريخ علاقات إثيوبيا بالسودان وينحط فى وصفه للسودان إلى الإهانة التي لا تغتفر السودان يطالب أثيوبيا بالكف عن "ادعاءات لا يسندها حق ولا حقائق" الخارجية السودانية يؤكد أن السودان لا يمكن أن يأتمن إثيوبيا والقوات الأثيوبية على المساعدة فى بسط السلام وتأتي القوات الأثيوبية معتدية عبر الحدود
أخر الأخبار

خيوط التنوير الرمادية

خيوط التنوير الرمادية

 صوت الإمارات -

خيوط التنوير الرمادية

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

عاش العالم معاركَ عسكرية كبيرة ودامية عبر العصور، هناك معاركُ أقوى وأعتى عاشها البشر، ولكن من دون سيوف وإطلاق نار، هي معارك عقل الإنسان مع ذاته ومع الطبيعة. المعارك المسلحة التي سُفحَت فيها الدماء في حقب ممتدة في الأزمنة والأمكنة تركت بقعاً على مساحة التاريخ الإنساني، زال منها الكثير. المعركة التي لم تنتهِ وتجذرت آثارها في النفوس، هي معارك العقل الإنساني المتصلة مع ذاته ومع الطبيعة. المعركة الإنسانية الكبرى التي خاضها العقل البشري وما زالت مستمرة هي معركة التنوير.
التنوير كلمة رسخت فيما كُتب عن التحولات الفكرية والعلمية والاجتماعية التي شهدتها أوروبا وأميركا الشمالية في القرنين السابع عشر والثامن عشر. حقبة بدأ فيها الاندفاع نحو عصر جديد نقل هذين العالمين إلى تكوين غير مسبوق في التاريخ. لقد تغيّر الإنسان في كل شيء؛ منهج التفكير وتقنية الإنتاج والعلاقات بين البشر وأسس تلك العلاقات. كان التحرك نحو ذلك العصر أوروبياً، لكنه اختلف في قوة ضوئه وسرعته من بلد إلى آخر. أغلب المفكرين والمؤرخين يُجمعون على أنَّ ومضة الانطلاق كانت تحرير العقل وتوليه قيادة النشاط الإنساني. موروث الماضي ثقل يحمله الإنسان على كاهله، لكنه إن ران على عقله يبطل فعله، ويشدُّه إلى تراب الماضي الغابر، ويبني أمامه سدوداً تمنعه من الحركة نحو الإبداع والابتكار والتقدم. الخلاص من ركام الماضي معركة سلاحها العقل، الذي جعل الله به الإنسان الكائن الأقوى على الأرض ورفعه فوق كل المخلوقات في الكون. إذا كان الفلاسفة الإغريق قد قدحوا ومضة العقل الإنساني، فإنَّ فلاسفة أوروبا مند القرن الثاني عشر الميلادي قد جعلوا منه الشعلة التي تخوض حرباً بين الماضي المتخلف، والمستقبل الذي تتحرك نحوه البشرية بقوة العقل ونوره. كانت الهيمنة الكنسية مطلقة وشاملة على كل شيء في أوروبا، الناس والسلطة والفكر. الملوك والأمراء ادّعوا أنهم مفوضون من الله عبر رجال الدين بالحكم، رجل الدين والمفكر توما الأكويني وضع مسافة لأول مرة بين الحكم والسلطة المرتكزة على التفويض الإلهي، ولكن بحسابات متحفظة. الكنيسة التي هيمنت على كل شيء وامتلكت الثروة والعقول، لم تستسلم بسهولة. بدأت معركة العقل مع الكنيسة من داخل الدين وليس من خارجه. النقلة الكبرى التي غيّرت مسار التاريخ الأوروبي بل الإنساني كانت انتفاضة رجل الدين مارتن لوثر الألماني. في مطلع القرن السادس عشر أطلق بابا روما حملة في العالم المسيحي للتبرع لبناء كنيسة القديس بطرس العظية. سنة 1517 زار مارتن لوثر روما، ورأى بأُم عينيه البذخ الذي يسبح فيه رجال الدين، والغنى الذي يفوق الخيال لديهم. استغرب رجل الدين القادم من بين صفوف فلاحي ألمانيا الفقراء، والذين يطالبهم بابا روما بالتبرع لبناء كاتدرائية ضخمة للقديس بطرس. عاد لوثر إلى بلاده غاضباً ونشر عشرات الرسائل التي تنتقد البابا ومن معه من القساوسة في روما. استدارت حلقة حاسمة في التاريخ الأوروبي والمسيحي، وانطلقت ومضة تنوير تتحرك أضواؤها في شمال أوروبا. بدأ لوثر ثورة لم يكن يدرك قوة فعلها ومداها. ترجم الإنجيل، أي العهد الجديد، من اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية، ليتمكن الناس من قراءة كتابهم المقدس، من دون الحاجة إلى احتكار قراءته وفهمه من رجال الدين الذي يجعلهم قوة مسيطرة على عقول العامة. وُلد المذهب البروتستانتي الذي صار طريقاً جديداً في الدين والعقل والعلم. كان ذلك منعطفاً في مسيرة جموع الأتباع، وحقق لهم تحرير عقولهم من الهيمنة البابوية. بفضل اختراع المطبعة وبداية انتشار التعليم وتراجع الأمية، وُلد إنسان جديد وبدأت الفلسفة والفكر الذي يغوص في كل شيء؛ الكون والدين والطبيعة، وشهد القرن السابع عشر حشداً من الفلاسفة الذين ملأت آراؤهم القارة الأوروبية، وتحركت قدرات العقل الحر تؤسس للثورة الصناعية. كانت كتب الفلاسفة تُباع في الشوارع مع الفواكه والملابس القديمة، وصارت الأفكار التي يكتبها الفلاسفة والمفكرون مادة لنقاش العامة في الأسواق والمقاهي. لم تمر معركة التنوير بسهولة، لم ينحنِ لها رجال الدين والحكم، لكن العامة تحولت إلى جيش يصطف إلى جانب التحول الكبير، الذي منح العقل مساحة لم يشهدها التاريخ من قبل. هكذا كان مسار التنوير الأوروبي.
في شرق العالم بصفة عامة والبلاد العربية والإسلامية بصفة خاصة، اختلف الأمر عمَّا حدث في أوروبا. المسجد لم يحكم ولم تسيطر عملياً نظرية التفويض الإلهي، بل كان الحكم للأقوى، ولم يضع الإسلام قواعد للحكم، وكان الاجتهاد البشري على مر العصور واختلافها، هو من يحدد كيفيتها.
بدأت مفاعيل العقل مبكراً، خصوصاً في بعض حلقات السلطة العباسية، وشهدت مراحل التاريخ الإسلامي ومضات يمكن أن نصفها بالتنويرية، لكن الضاغط الديني كان أقوى، ووزن الموروث أثقل. كوكبة من المفكرين والفلاسفة في بلدان عربية كثيرة عملوا من أجل تحرير العقل بما لا يخالف ثوابث الدين وأركانه، لكن المصالح السياسية والمادية كانت أكثر قوة. في أوروبا استطاع عقل التنوير في القرنين السابع عشر والثامن عشر أن يملأ الدنيا، وينير للناس طريق الصناعة والقوة والعلم. في تلك الحقبة كان العالم العربي يعيش في دامس الظلم والظلام، لما تقدم نابليون بونابارت بجيوشه إلى مصر، مستخدماً المدفعية التي أفاقت أهل الشرق ليروا بأعينهم حجم تخلفهم وظلام دنياهم. لم تُطرح أسئلة أساسية فكرياً في البلاد العربية، وبقي الموروث في الفقه والفكر والأدب المادة التي تملأ الكتب وتجوس بالرؤوس. تخلّف العلم والصناعة والإبداع، وغاب عقل التنوير. اختلط عند الناس مفهوم الإبداع والبدعة. ما إن يرتفع صوت للعقل حتى تتألب عليه مطارق التكفير. وسادت مفردات الكفر والخيانة والعمالة.
في العقود الأخيرة، برز مفكرون عرب كثر، لكنّ أعمالهم لم تتجاوز صالونات النُّخب، وبقيت أفكارهم خيوط تنوير رمادية قليلة الضوء، في حين تتسع دوائر التجهيل التي تنفخ في الشباب أوهاماً تستدعي ماضياً يختلط بالأساطير والتحريف، وتحولهم إلى متفجرات للكراهية والتطرف والقتل، تغلق أبواب المستقبل وتحبس العقل في كهوف «داعش» و«القاعدة» وغيرهما.
هل من الممكن إزالة الرماد عن خيوط التنوير لفتح أبواب المستقبل الجديد للعقل والفعل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيوط التنوير الرمادية خيوط التنوير الرمادية



GMT 20:50 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

لغة الإنسان

GMT 20:48 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

تجربة البحرين في التعامل مع كورونا... نجاح مبهر

GMT 20:41 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الأستاذ فوزي والتلميذ بليغ

GMT 20:38 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

خليل حيدر وجريمة النخب العربية!

GMT 20:36 2021 الإثنين ,22 شباط / فبراير

الرأي الذي لا تريد سماعه

GMT 12:44 2020 الأربعاء ,10 حزيران / يونيو

عازف غيتار هندي ينشر فيديو لحفلة مع 2 من الببغاوات

GMT 05:37 2016 الأربعاء ,21 كانون الأول / ديسمبر

بيب غوارديولا يسعى إلى ضم قائد "شاختار" الأوكراني

GMT 19:25 2016 الثلاثاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

جيسي عبدو تشارك في مسلسل "فخامة الشك" أمام يورغو شلهوب

GMT 00:22 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

اختيار "ميدان" كأجمل مضامير سباقات الخيول العالمية

GMT 15:27 2018 الأحد ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقع خلّابة ومميزة زوريها في مالطا لشهر العسل

GMT 05:02 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

برنامج أفلام وندوات مهرجان القاهرة السينمائى الخميس

GMT 16:22 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

منتجع "أيلا الجبل الأخضر" في عمان طابع خشبي وأنشطة متكاملة

GMT 00:15 2018 الخميس ,04 تشرين الأول / أكتوبر

علاج مفاجئ للصلع باستخدام مادة لتقليد رائحة خشب الصندل

GMT 03:39 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

آرسين فينغر يضم النني إلى تشكيلة أرسنال أمام سوانزي سيتي

GMT 09:43 2018 السبت ,06 كانون الثاني / يناير

تعرفي على أنواع الماسكرا المختلفة وطرق استخدامها

GMT 14:12 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

فندق مارينا الكويت يستقبل رأس السنة الجديدة بعروض مميزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
2023 جمي الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية ©

albahraintoday albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday albahraintoday albahraintoday
albahraintoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
emirates , emirates , Emirates