بقلم: فاطمة عادل سند
«قرّة العين».. هكذا لقّب صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه المحرّق. ولا يخفى على أحد في مملكتنا الغالية، قيمة المحرق في قلوب البحرينيين قادة وشعبا؛ فالمحرق زخرت على مر التاريخ، ولا تزال، بالنخب الوطنية الفكرية والثقافية والاقتصادية والسياسية والسواعد الأبية التي بنت الوطن.
كما لا يخفى على أحد في امتدادنا الخليجي والإقليمي عراقة هذه المدينة التي وُجدت قبل أن تتأسّس بعض الدويلات الحديثة، بل إنّ تاريخ المحرق ضارب في القدم عكس تلك الدويلات، وهو ما يجعلها هدفا لدى من لا تاريخ له فيعمد إلى تشويه الماضي والحاضر ليبني لنفسه تاريخا ولو زورا وبهتانا.. لكن، ما يزيدكم ذلك إلا خبالا.
إلا التاريخ. لا يمكنكم تزويره يا دولة قطر! فهو محفور في العقول والقلوب قبل الورق، والمحاولات البائسة لتشويه سمعة المحرق، فيما تدّعونه ينافي الواقع ماضيا وحاضرا ومستقبلا أيضا؛ نظرا إلى ما امتازت به المحرق من تعددية وتسامح وقبول للآخر وانفتاح منذ قديم العصور وإلى اليوم، ولما امتاز به أهلها من سمات عربية أصيلة كالطيبة والكرم وحسن الجوار والولاء النقي، ولما امتاز به أمنها من احترافية ورقي وإنسانية في التعامل مع الوقائع. ذلك ما جعلها تتصدر قائمة المدن التي يطيب فيها العيش عند المواطنين والوافدين على حد السواء. المحرق هي هذه القيم الأصيلة التي لا تشترى بالمال، والمحرق هي الهوية المتوارثة العصية عليكم يا ساسة قطر...
وأكثر ما يثلج الصدر هي تحية صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة لأهالي المحرق التي حملها لنا معالي وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، وما تقدم به سعادة وزير الداخلية من كلمات عبرت عن مكنون قلوب البحرينيين عامة، وأهالي المحرق خاصة، نعم هؤلاء أبناء المحرق ولاؤهم دائمٌ، وحسهم الوطني عالٍ لا يدخرون جهدًا ولا يتأخرون ثانية عن الذود عنها. كل الشكر لمعالي وزير الداخلية لقد شفيت غليل أهالي المحرق. نعم نحن امتداد أجدادنا أهالي المحرق الأبطال الذين حموا أمن بلدهم ودافعوا عنها.
إنّه، وبالرغم من الانتهاكات الجليّة المنافية لحقوق الإنسان التي مارستها دولة قطر ضد البحارة البحرينيين، والتي لم نر استنكارا لها من دعاة حقوق الإنسان في المجتمع الدولي، فقد انتهجت مملكة البحرين نهجًا صريحًا في الدفاع عن مواطنيها وسيادتها في ضوء قوانين المجتمع الدولي، فكانت خطوات مملكة البحرين شرعية وسليمة ومرتكزة على الأدلة والبراهين. فلمّا ساءها ذلك، قامت دولة قطر عبر إعلامها الموجّه بهجمة مضادة من خلال الإساءة لمدينة السلام والقيم الأصيلة المحرق محاولة منها لتشتيت الرأي الدولي العام من دون موضوعية في الطرح وإنما بناءً على افتراءات ما أنزل الله بها من سلطان. ذلك ديدنهم.
لو كان التزوير ينفع يا قطر لكانت نفعتكم وثائقكم المزورة في مطالباتكم بجزرنا جزر حوار، لكنّكم تلقّيتم صفعة، ولم تتعلّموا الدرس، ولا تزالون تلعبون بنفس الأوراق الخاسرة. إنّ من يطرب لكم اليوم سيتخلى عنكم غدا، عندما تسقط ورقة التوت، وتتعرّى حججكم الباطلة.. حينها ستفقدون ما بقي لكم من ثقة دولية.
وبدل صناعة الافتراءات، أحرى بكم أن تبنوا حاضرًا نزيهًا تعلمونه لأبنائكم مستقبلًا، هكذا تتشكل الهوية المجتمعية الصلبة المستمدة من ممارسات سليمة ونزيهة تقوم بها الدولة حتى تحظى بثقة المواطنين. لكن هذا ليس له ثمن، ولن تجدوه مطروحًا في الأسواق العالمية للاستيراد. هذا غرس تنتهجه القادة وتتشربه الشعوب.
قطر تعلم جيدًا أن المحرق قلب البحرين، وحينما تسيء إليها ستحرك الغيرة والولاء لدى الجميع، لذلك اختارت المحرق. والمحرق شمس لا تغطيها غيمة سوداء عابرة، المحرق عصية عليكم فتاريخها يفوقكم وزنًا وما سطره رجالات المحرق ونساؤها في تاريخنا يمثّل سيرة نوعية في السلم والثقافة والعلم والعمل لا يمكن أن تحصوه عددا ولا أن تصفوه أبدا.
دامت المحرق أم المدن قرة عين مليكنا مدينة الثقافة والكلمة الصادقة والقيم العربية الأصيلة ودام أهلها الكرام.