بقلم - بثينة خليفة قاسم
ربما يبدو هذا العنوان غريبا للوهلة الأولى، فما علاقة اللقاح بالمبادئ الإنسانية؟ اللقاح له علاقة بالعلم والطب، هذا هو الانطباع الأول الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع كلمة لقاح، لكنني عندما تابعت ما يدور في العالم منذ بدء قيام بعض الدول بتطعيم بعض الفئات من مواطنيها باللقاح المضاد لفيروس كورونا، وحتى اللحظة أدركت أن لقاح فيروس كورونا سيكون خلال الأيام القادمة بمثابة اختبار لمبادئ الأمم المتمدينة، ذلك التعبير الذي يستخدم في الأدبيات السياسية لوصف الدول ذات المبادئ الإنسانية الراقية، الدول التي تحرص على تكريم الإنسان واحترام حقوقه، سواء كان يعيش على أراضيها أم على أراض أخرى.
ولتوضيح الفكرة يجب أن نقول إن هناك دولا قليلة على مستوى العالم امتلكت بالفعل رصيدا جيدا من هذا اللقاح، ومن بينها بريطانيا والولايات المتحدة، وقامت الدول الغنية بشكل عام بتطعيم الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالمرض والتعرض لأعراض شديدة ومن بينهم الطواقم الطبية وكبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة تدريجيا من الأكثر إلى الأقل عرضة، وقد قامت دولة كبريطانيا بتقسيم هذه الفئات المعرضة إلى ٩ فئات.
السؤال الآن: بعد أن تفرغ الدول الغنية مثل بريطانيا من تطعيم هذه الفئات، هل ستتوقف لكي تعطي فرصة لغيرها من الدول، خصوصا الفقيرة منها لكي تقوم هي الأخرى بتطعيم فئاتها المعرضة للخطر؟ هل ستنجح هذه الدول المتمدينة في هذا الاختبار الإنساني الذي سيبين مدى صدقها فيما ترفعه من شعارات حول حقوق الإنسان؟
منظمة الصحة العالمية توجهت بنداء لبريطانيا كواحدة من هذه الدول، وبعد أن قامت بتطعيم ما يقرب من ١٠ ملايين مواطن، أن تتوقف بعد الانتهاء من تطعيم الفئات التسع المعرضة لتفتح المجال أمام الدول الفقيرة، فهل ستستجيب بريطانيا لهذا النداء؟
نتمنى أن تقوم كل الدول الكبيرة بتلبية هذا النداء الإنساني، خصوصا أن كورونا محنة عالمية وليست محنة دولة أو منطقة واحدة.