بقلم : أمينة خيري
من يعتقد أن ترامب حبيب مصر والمصريين، فهو واهم. ومن يعتقد أن بايدن حبيب الإخوان و«اللى مش إخوان بس بيحترموهم» فهو واهم. ومن يعتقد أن زعماء العالم حين «تنفتح قلوبهم» لبعضهم البعض يصبحون أشقاء وحبايب، ويحب كل منهم شعب زعيمه المفضل فيغدق عليه بالمنح والمساعدات و«يطلع اللقمة من بقه» إذا شعر أن زعيمه المفضل فى مأزق فهو مثالى بإفراط. ومن يظن أن الزعيم إن انقبض قلبه ولم يشعر براحة نفسية تجاه زميل زعيم، فهو يناصبه العداء، ويمضى الليالى يخطط لإلحاق الضرر به وبشعبه، فهو يبالغ فى الخيال. فى عالم السياسة هناك إما حليف أو عدو استراتيجى واقتصادى.
حتى زمن الحليف الأيديولوجى مثل «دول عدم الانحياز» حيث الإيمان بالاستقلال الوطنى والسيادة ومناهضة الفصل العنصرى فقد ولى ودبر. وإن بقيت منه ملامح أو معالم، فأغلبها حبر على ورق، بما فى ذلك جماعة مثل الإخوان المسلمين التى تتباهى بأعضاء وأتباع ومحبين فى جميع أنحاء العالم، فهى جماعة قائمة فى المقام الأول والأخير على مصالح سياسية ومالية. دعك من أنهم يضحكون على الذقون بالذقون، وتأكد أنهم وغيرهم من جماعات الإسلام السياسى ما هم إلا مصالح تتصالح أو تتصارع. السياسة إذن لا مجال فيها لرئيس أمريكى يحب الإخوان وآخر يمقتهم، أو اتحاد أوروبى تميل مشاعره إلى تأييد شعب عربى فى اختياره أو جماعة دينية فى شهوتها، أو دول متفرقة فى مشارق الأرض ومغاربها تحب هذه الدولة وشعبها، وتكره تلك وشعبها تارة. والأهم من ذلك، أن لا الدولة الفلانية يعنيها كثيراً أن يتمتع شعب الدولة العلانية بقدر أكبر من الديمقراطية أو حيز أوسع من الحرية أو مجال أوفر من التعليم والصحة والسكن... إلخ، ولا ينبغى على شعب الدول العلانية أن يصدق أن خلاصه ورفاهه وراحته ستتحقق على يد نظام سياسى لدولة أخرى. ويخبرنا المثل الشعبى بأن «المتغطى بأنظمة الآخرين السياسية عريان».
وكون إدارة سياسية لنظام ما تتوافق مصالحها وتوجهاتها مع مجريات سياسية فى دولة أخرى، فتعضدها بشكل أو بآخر لا يعنى أبداً أن هذا التعضيد مجانى أو دائم أو حتى يمكن الارتكان إليه كعامل أمان. خلاصة القول، كل ما يثار هذه الآونة من قبل فريقين عربين كبيرين أحدهما محتف مطبل مزمر بقدوم بايدن ورحيل ترامب، والآخر مبتئس مكتئب منكفئ للسبب نفسه هى زوابع فى فناجين عربية غير مجدية. وستظل هذه الزوابع العربية بكفتيها هى صدى الصوت للانتخابات الرئاسية والرئيسية فى دول العالم الأول. ستظل صدى يعلو حيناً وينخفض حيناً، لكن يظل صدى وليس صوتاً. وإلى أن نتحول إلى صوت، سنشترى فشاراً ونلازم كنباتنا ونتابع موقف أمريكا من مصر والحوثى والإخوان ودول الخليج وقطر وداعش وما تبقى من العراق وبقايا سوريا ورائحة الشواء فى تونس وبس.