بقلم : أمينة خيري
الكارثى فى زواج أحد «الدعاة الجدد» وفنانة ليس الزواج، فهذا حق أصيل لكليهما.. ولا أن يتزوج «رجل دين» بفنانة، إذ يفترض أن الدين جمال ورقى وكذلك الفن.. الكارثى هو أن يقدم كل منهما نفسه باعتباره نموذجًا دينيًا يحتذى. وأقصد تحديدًا مراحل «التزام» الفنانة من حجاب إلى نقاب ثم حجاب، وذلك قبل أن تتخلص من هذا وذاك. إنها حريتها الشخصية الكاملة فى أن تتأرجح بين كل ما سبق. لكن أن تعتقد أو يعتقد آخرون أنها بتحولها إلى مجال «الالتزام» المظهرى أصبحت قدوة، وأن من لا ترتدى حجابها أو خمارها أو نقابها مثلها فهى درجة أدنى، فتتحول كل أنثى فى مصر إلى أنثى درجة أولى لأنها ترتدى ملابس بعينها دون النظر إلى سلوكها أو أخلاقها أو أدائها لعملها، فهذا ضحك على الذقون بالذقون.. ثم نأتى إلى نجم «الدعاة الجدد» الذى ينتهج كغيره نهج «الحلوى المكشوفة الرخيصة، والحلوى المغلفة الغالية الثمينة التى تحتفظ بحلاوتها للذوّاق الذى يستحق، والذى ساهم مع المئات غيره فى قلب منظومة الأخلاق المصرية رأسًا على عقب، حيث المظهر سيد الساحة وبطاقة القبول».
وللعلم، فإن الأنثى المصرية التى لم تعد تلتزم بمعايير النسخة الثقافية التى استوردناها واعتنقناها منذ السبعينيات، ثم أدخلنا عليها لمساتنا الشعبوية المصرية، حيث «كُل اللى يعجبك والبس اللى يعجب الناس» مع كثير من الحشرية- صارت منبوذة فى المجتمع، وذلك باستثناء أولئك اللاتى يلتزمن العيش فى فقاعات سكنية واجتماعية من العمل للكومباوند للنادى للكومباوند مجددًا. هذا النبذ والنظرة الدونية والـ«بسبسة» والـ«هسهسة» التى تحوى شتائم مغلقة بحوقلات واستعاذة بالله من الشيطان الرجيم من هذه «العارية» (لأنها لا تغطى شعرها) هى نتاج مثل هذا «الداعية» وغيره على مدار نصف قرن من زرع الفتنة والكراهية واحتكار الدين لأنفسهم. ورغم ذلك، فبين أولئك «الدعاة» من لا يجد حرجًا فى التخصص فى «الحلوى المكشوفة» التى نهى المصريين عنها. والمصيبة أن هناك من يجرؤ على شجب من يجاهر بانتقاد «الدعاة» من مؤسسى مدرسة الحلوى المغلفة الذين ينتهجون فى حياتهم ومتعهم الشخصية نهج الحلوى المغلفة.
هناك خط رفيع بين الحرية الشخصية والدفاع عنها وحمايتها من المتطفلين والحشريين من جهة، وبين الثورة والاعتراض وانتقاد أولئك الذين أفسدوا عقول الناس وخربوها وجرفوها باسم الدين، ولا يجدون حرجًا فى خوض حياتهم بالأسس التى أزاحوها وصوروها للملايين باعتبارها فسقًا وفجورًا وابتعادًا عن الدين. مصيبة أخرى فى مسألة «دعاة الحلوى المكشوفة» ومن يدافع عن حريتهم الشخصية وأنهم يتزوجون على سنة الله ورسوله (ص)، هل هذا هو مفهوم الزواج فى الدين.. أن تتزوج «مُزّة» كل كام شهر على سنة الله ورسوله (ص)؟.. ألا يساهم أولئك فى تأكيد الصورة المغلوطة باعتبار الزواج مجرد ورقة لإتاحة النكاح باعتباره «إباحة الوطء» فقط لا غير؟!.