بقلم : أمينة خيري
أخشى أن ندخل بكل قوتنا على ملف الإفتاء فى شؤون اللقاح دون هوادة. وهى مرحلة قادمة قادمة لا محالة. الأستاذ حسين موظف الحسابات ومدام نادية ست الكل مسؤولة المخازن ومعهما الخبير الاستراتيجى المتحول فقيهًا فى اللقاحات والبرنس فتحى صاحب التغريدات النارية على «تويتر»، وبالطبع الجيش الجرار من الأصدقاء حيث أقل الضررين بالـ«لايك» و«الشير فى الخير» و«خلوا بالكم يا جماعة. منقول» وأثقل الضررين حيث الإضافة بمزيد من الإفتاء، وما أدراكم ما الإفتاء فى أمور لا يفقه فيها مفتوها الألف من كوز الذرة والفرق بين اللقاحات حيث لقاح الصين «الميت» ولقاحى «فايزر ومودرنا» الـRNA ولقاح «أسترازينيكا- أكسفورد» الفيروسى، الذى ينشط الأجسام المضادة والمناعة الخلوية وغيرها من اللقاحات التى يعتمد كل منها تقنية علمية مختلفة.
والحقيقة أن أى مواطن غير متخصص فى شؤون الطب واللقاحات سيجد صعوبة جمّة فى فهم الفروق بين اللقاحات وبعضها، ناهيك عن أن كل اللقاحات التى تم طرحها وتلك التى تستعد للطرح كانت فى عجلة شديدة جدًا من أمرها لأسباب منطقية مفهومة تتعلق بخطورة الوباء، واضطرار الكوكب بمؤسساته العلمية والطبية إلى التغاضى النسبى عن صرامة الإجراءات المُتَّبعة لضمان دقة وسلامة الخطوات قبل الطرح. مسألة لقاح كوفيد- 19 إذن تحتاج تعاملًا من نوع خاص. ولو كنت من الدولة- وتحسُّبًا لما نحن مقبلون عليه مع بدء الطرح الفعلى للقاح للفئات الأولى التى تم تحديدها فى جميع أنحاء العالم، حيث إن الطواقم الطبية فى الصفوف الأولى والمُسِنّين وأصحاب الأمراض المزمنة... إلخ- لبدأت فى ملء الأثير التليفزيونى والإذاعى ولافتات الطريق بمعلومات مبسطة قصيرة فيها القليل المفيد من أمور اللقاح، والخطوات التى سيتم تطبيقها، والإجابات المقتضبة الشارحة عن الأسئلة الشائعة المُتوقَّع طرحها، فإذا كانت مواقع التواصل الاجتماعى تفتى فى كل شىء من الإبرة والصاروخ، فلنعلم علم اليقين أن الهبد آن وأن الرزع واقع دون محالة.
وبالطبع ستسرى تدوينات وهمية وتغريدات منقولة عن فلان عن علان عن ترتان وسيستحلف أهل الخير المعارف والأصدقاء لـ«نشرها على أوسع نطاق جزاكم الله خيرًا» للتحذير من هذا اللقاح الخطير والتنبيه إلى تلك الآثار المدمرة إلى آخر خط الهبد والرزع المعروفين. ولأنه لا سبيل إلى وقف هذا المنهج الذى بات معروفًا إلا بالتوعية والتثقيف وتدريب العقل منذ الصغر على كيفية التفكير والبحث والتعقل، وهو ما يستغرق سنوات، ولأن المنع والحجب والرقابة لم ولن تكون يومًا الحل، فإن الاستعداد المسبق بالمعلومة دون لَتّ أو عجن هو الحل. وفى هذه المناسبة علىَّ أن أوجه شكرًا وإعجابًا وتقديرًا للزميلة العزيزة دينامو الإعلام فى المكتب الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية لشرق «المتوسط»، فهى حاضرة على مدار اليوم للإجابة عن الأسئلة وتنسيق المؤتمرات الافتراضية وتوصيل الصحفيين بخبراء المنظمة فى شؤون كورونا وغير كورونا دون كلل أو ضجر أو تأجيل أو تسويف.