بقلم : أسامة الماجد
أحدث رحيله المفاجئ يوم الثلاثاء الماضي شرخا في مرايا قلوبنا، وانتحرت البسمة وصار الحزن يمشي في كل مكان، جمعة بن هلال الفنان التشكيلي واللاعب الخلوق يرحل ويضعنا أمام الأبواب المغلقة ليتسلق على وجوهنا التعب وتشتبك أصوات محبيه وأصدقائه وبكاء الأمهات. لم يكن جمعة هلال مواطنا عاديا، إنما رسولا للمحبة والطيبة والأخلاق وحب الخير، وفتح أبواب منزله مساء كل يوم أربعاء ليلتقي بالناس على اختلاف مقاماتهم ومناصبهم، فيزوره الوزير واللاعب والصحافي وشخصيات من العائلة الحاكمة والفنان والأديب والمطرب وغيرهم في مجلس صغير في حجمه لكنه بحجم السماء والكون بدروبه المضيئة دائما بقناديل الوطنية وحب البحرين.
كان يقضي ساعات طويلة في رسم “البورتريه” ويهديه للجميع بدون ملل أو كلل، ويطلق العنان لابتسامته بالمجان، تلك الابتسامة التي تنير الظلمة وتزرع الحب في النفوس، فطوال حياته وكما يعرفه القريب والبعيد لا يعرف الكراهية أو الغضب أو القلق أو حتى الخوف، بل كان دائما ينثر نسائم الفرح والسعادة كالنهر الذي يتدفق.
عرفت جمعة هلال منذ سنوات طويلة “على أيام نادي الوحدة”، وتوطدت علاقتي معه خلال زياراتي الأسبوعية لمجلسه ومرسمه في مدينة عيسى كل يوم أربعاء، كان بارا بوالدته بشكل لا يوصف وكان ينشر فيديوهات “الطباخ” معها في وسائل التواصل الاجتماعي وما عليك سوى أن تغسل عينيك بلون حب الوالدين الذي ينسكب من تلك الفيديوهات والصور، فالأم هي الشمس التي تعتمد عليها حياتنا وأجمل من النجوم وأوسمة الليل.
كانت للفن مكانة كبرى عند جمعة هلال فقد استعان به وكما أخبرني ذات يوم من أجل التعبير عن أسمى أفكاره وأرفع اهتماماته الروحية، وكل لوحاته لم تكن مجرد نقل لبعض الملامح أو محاكاة لبعض القسمات، بل كانت لوحات منطوية على تعبير روحي ينقل إلينا من خلالها إدراكه الخاص، لوحات تحمل طابعا روحيا لن تجد لها مثيلا في سائر منتجات الفن.
رحمك الله يا صديقي ويا ابن البحرين البار وستبقى ذكراك في العيون والقلوب.