بقلم : إبراهيم النهام
تحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه له مقوماته الخاصة، فقد اعتاد عليه أهل البحرين منذ القدم، كعمل لا يتقاضى لأجله المقرئ أجراً، لكنه أمر أوجدته وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، بمقابل أن يكون للمُعلم القرآني وصف وظيفي يلتزم به، فأصبح وكأنما يعمل بمؤسسة تعليمية للقرآن الكريم نظير أجر. بالمقابل، لا يجوز تغيير قانون ما بهذا الشأن، دون وضع الحلول والبدائل المناسبة، خصوصا حين يتعلق الأمر بوقف مكآفات المعلمين والمشرفين والمدرسين الأوائل ومنتسبي مراكز التحفيظ كلها، لأكثر من شهرين، ونحن على مشارف دخول الشهر الثالث، فكيف لأمر مثل هذا أن يحدث؟
من ناحية أخرى، أوجد انتقال الوزارة للتعليم عن بعد إشكالية أخرى، بسبب غياب الضوابط المنظمة لذلك، ولا يكفي للمعلم أن يمنح “يوزر نيم” و”أكاونت”، وأن يدخل عليه موجه الوزارة بين الحين والآخر لإعطائه التعليمات، لضمان نجاح العملية التعليمية، وكأنها كما هي بالسابق، فالتعليم عن بعد له اختلافاته وتحدياته الكثيرة التي يجب النظر لحلولها.
أولها التقويم وثانيها التطوير، وثالثها النظر في الآليات والتكنولوجيا المساعدة للارتقاء بها، فمعظم من هم بالمراكز القرآنية لا يفقهون بتكنولوجيا الاتصال الحديثة كـ “التييمز” وغيرها، فهل نظرت الوزارة إلى ذلك؟
ونظراً لفرض آلية التعليم الجديدة، فإنه لا يجوز – بالمقابل - تغليط المعلمين واتهامهم بالتقصير بالعمل والخصم من مكافآتهم، لأسباب تتعلق بعدم حضور المُعلم الدرس، والذي قد يكون مرحلاً ليوم آخر لظرف ما، أو غيرها من الأسباب التي لا تخل بجوهر العملية التعليمية. كما أن معضلة الامتحانات التي أوقفتها الوزارة لفترة ما، لغياب التنظيم الصحيح لها، وعجز المعلمين ببعض الحالات عن تقويم الطلبة بسبب مشاكل الصوت، أو الأجهزة، أو النت، و”كلمن يأتي بقصة”، فإن كلها مسببات تأتي من رحم ظروف المرحلة القاهرة لكورونا.
يجب حلحلة مشاكل مراكز التحفيظ القرآنية وفق أسس صحيحة وعادلة، والنظر بالنقاط الخلافية الأخرى التي يشكو منها المنتسبون دائماً، بحيث تضمن بها الحقوق لكل الأطراف، مع الأخذ بعين الاعتبار استحالة استنساخ تجربة وزارة التربية والتعليم بالتعليم عن بعد كما هي إلى مراكز التحفيظ، لأن التعليم القرآني مختلف عن التعليم النظامي جملة وتفصيلا.