بقلم : أحمد بوهزاع
يعرف الباحثون الذكاء الاصطناعي بأنه “دراسة وتصميم أنظمة ذكية تستوعب بيئتها وتتخذ إجراءات تزيد من فرص نجاحها”، في حين يعرفه جون مكارثي - الذي وضع هذا المصطلح سنة 1955 - بأنه “علم وهندسة صنع آلات ذكية”، ومن المتوقع أن تتأثر معظم القطاعات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، إن لم يكن جميعها، بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030م، وبعيداً عن الجدل حول المخاطر والفرص، فإن التجارب الدولية تؤكد أن التحول إلى الذكاء الاصطناعي يخلق فرصاً اقتصادية واجتماعية جديدة لمواطنيها واقتصاداتها ويسهم في زيادة معدلات النمو. إن البشريّة تسبر أغوار فضاءات معرفية جديدة ستغيِّر أماكن العمل وطريقة إدارته، فضلاً عن تغير نمط الحياة نفسه. وخلال السنوات العشر القادمة، سيتغير تدريجياً نمط الأداء في الكثير من القطاعات بالذكاء الاصطناعي وعلى رأسها الرعاية الصحية، الخدمات المالية، قطاع التجزئة، وسائل النقل، خدمات الزبائن، الخدمات اللوجستية، الأمن الإلكتروني، التسويق. وبينما يرى الكثيرون أبواب الفرص الهائلة التي سيفتحها هذا التحول الرقمي، مازال البعض يراه فقط من نافذة التخوف بأن ينتهي بنا الذكاء الاصطناعي إلى سيطرة الآلات واضمحلال دور البشر، ومنهم عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ الذي صرح في عام 2014م بأن تطوير “ذكاء اصطناعي كامل” قد يمهد لفناء الجنس البشري، محذرا من قدرة الآلات على إعادة تصميم نفسها ذاتيا.
ولعل من الأجدر أن نتعرف على أهم الفرص الاقتصادية التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للاقتصادات الدولية، حيث سيسهم بحوالي 16 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و8.2 % سنويًا في الناتج المحلي الإجمالي في البحرين بحلول عام 2030 (تقرير برايس ووتر هاوس كوبرز). وسيخلق 133 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2022 ( Statista.com). وستزيد الإيرادات السنوية لبرامج الذكاء الاصطناعي إلى 118.6 مليار دولار في عام 2025 مقارنة بـ 9.5 مليارات دولار في 2018 (Tractica).
وبالمثل ما هي أبرز المخاطر المترتبة على توظيف الذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية: إلغاء 75 مليون وظيفة بحلول عام 2022 (المنتدى الاقتصادي العالمي). وأصبحت 45 % من الوظائف في دول مجلس التعاون الخليجي قابلة للتشغيل الآلي من الناحية التقنية، مما يترجم إلى 20.8 مليون موظف بدوام كامل و366.6 مليار دولار من دخل الأجور (ماكينزي وشركاه). وستتقلص الوظائف في العالم بنسبة 29 % بحلول عام 2030 (بحث فوريستر). بالإضافة لأتمتة 38 % من الوظائف القائمة حول العالم بحلول عام 2030م (نشرة فورتشن). في المقابل يرى الباحث المتخصص في مجال الذكاء الاصطناعي لدى شركة غوغل وجامعة تورنتو جيوفري هينتون أن الآلات ستوازي الإنسان ذكاءً خلال خمسة أعوام من الآن، لكنه لا يرى أن علينا خشية الذكاء الاصطناعي، فالمسألة تتعلق بكيفية تعاملنا مع التكنولوجيا بشكل لا يجعل منها مؤذية للبشر.