بقلم : عبدعلي الغسرة
لغة الإنسان (الأم) ــ الأساسية ــ من مقومات هويته وأساس أصله وعنوان انتمائه، وركيزة في الاتصال والاندماج الاجتماعي وأساسية في التعليم والتنمية، والمحافظة عليها تعني المحافظة على الثقافة والهوية والتقاليد والذاكرة والتراث، ولغة الأم مورد ثمين لا يمكن الاستغناء عنه وتجاهله، وتمثل اللغات جميعًا تنوعا ثقافيا بين البشر، وتعددها يُعزز التعدد اللغوي والثقافي والسلام المبني على التفاهم والتسامح والحوار بين الشعوب.
إن غياب أية لغة من لغات الأم يعني اختفاء تاريخ لأمة من الأمم وضياعًا لتراثها وفكرها وثقافتها، ورصدت منظمة اليونيسكو أنه (لا يحصل 40 % من السكان على التعليم بلغتهم الأم التي يفهمونها)، وهذا يؤدي إلى ضياع لغة هذه البلاد وتعويمها باللغة التي يتم تعليمهم بها، وإن كان هؤلاء يتعلمون إلا أن تعليمهم بلغتهم الأم التي يفهمونها ويتكلمونها يحافظ على معارفهم وتقاليدهم وتراثهم وتطور ثقافتهم بطريقة مستدامة. إن هدف التعليم للجميع الذي تنشده منظمة اليونيسكو يرمي إلى الحفاظ على التنوع الثقافي واللغوي ويصون لغة الأم لكل بلاد، وتعمل على “إيجاد منهج مشترك بين جميع القطاعات والخدمات المعنية باللغات والتعدد اللغوي”.
وتم تحديد يوم 21 فبراير ليكون يوما للغة الأم بمبادرة من “بنغلادش” وذلك استذكارًا لنضال شعبها لبقاء لغتهم الأم، وهو يوم يدعو جميع الدول للمحافظة على لغة دولهم حماية لهم ولمجتمعاتهم بما يُعزز التنوع البشري والتفاهم بين البشر لبناء مجتمعات متعاونة مستدامة. وستبقى جميع اللغات وسيلة للتخاطب البشري والتفاهم الإنساني وتعمل على الإدماج الاجتماعي والابتكار والإبداع بين البشر والأمم، فتعلم اللغات ودراستها يحقق التواصل بين أبناء الأرض مع الحفاظ على لغة الإنسان “الأم”.
وشعار احتفال 2021م (لغات السكان الأصليين مهمة من أجل التنمية وبناء السلام والمصالحة)، لأجل تعزيز حُسن إدارة تنوع التعبير الثقافي وصون التراث الثقافي واللغات وحمايتها من الاندثار، وتشجيع المجتمعات للحفاظ على لغاتها وترقيتها، وبإدراج اللغات القومية في المناهج التعليمية، وتمتين العلاقات بالجهات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية. والشعار يؤكد أن التنوع والتعدد اللغوي من أسس التنمية المستدامة، ويُجسدان ما نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مقدمته بأنه “لا تمييز يقوم على أساس اللغة”، وتعزيزًا للعلاقات بين الثقافات وسُبل التعايش معًا بعيدًا عن العُنف والكراهية والاستغلال.