علي أبو الريش
ما بين البحرين والإرهاب إرث تاريخي مبعثه هذا الطيف الخارجي الذي لم يزل يعيش أحلامه وأوهامه وآلامه، وأسقامه التاريخية، والتي تدفعه بأن يجعل من البحرين نقطة الانطلاق إلى بقية دول المنطقة، والبحرين قلعة قد تلحقها بعض عوامل التعرية القادمة من جهات تعصف بها شحنات العدوان، ولكن مهما بلغ بهؤلاء عنف اللاشعور وقصفه ونسفه وتعسفه، تظل البحرين ترتع في مخدع ثقافة حصينة رزينة أمينة مكينة لا تزحزحها رياح الإرهاب، ولا تزيحها نباح الكلاب، لبلد أسس على ثوابت حضارية ضالعة في الجذور ويوم كانت البحرين قارة حضارية كان العدوانيون رعاعاً، يهيمون في مراعي الشح الحضاري ويتيهون في مساعي البغي وعبادة النار.
اليوم ربما سنحت الظروف للعدوانيين أن يلعبوا في مياه العرب غير الصافية لكن تبقى الحقائق دامغة، ودرس اليمن كافٍ لأن يوقظ الغافلين والمشعوذين والشوفينيين والمهرولين باتجاه فراغات مبهمة.
درس اليمن كفيل بأن يعطي أصحاب الأجندات الوهمية مثالاً للحزم العربي، فالعرب وإن تغيبوا عن الحضور لفترة زمنية مؤقتة فهم حاضرون في المجمل ساعات الحقيقة، ويكون لحضورهم دوي الرعود، لذلك نقول لمن في قلبه مرض وفي عقله غرض استيقظ فالبحرين لن تكون وحيدة في وجه العاصفة، البحرين رمش في العين، والدم الذي يجري في الشرايي.
البحرين لن تكون لقمة سائغة في فم معتدٍ أثيم ولا شيطان رجيم لأنها البحرين، ولأنها حب الخليج الدفين ولأنها دانة في اليد وشامة في الجبين، البحرين الحصن الحصين الذي لن تستطيع العواتي أن تمسه بطرف لعين، لأنها فقط البحرين، ولأنها المخزون التاريخي في الخليج العربي، ولأنها قاربنا المبحر في محيطات الأمل، وشراعنا المرفرف في آفاق الطموح، فلا عدوان ولا شيطان يستطيع أن يمرر مشاريعه الكريهة على هذه الأرض الطاهرة.
ومهما حاول الكارهون للحقيقة أن يطمسوا حروفها سيبقى صبر البحرين بحراً يغرق جحافل الكراهية، ويقضي على كل من تسول له نفسه الوصول إلى شواطئها المؤزرة بأحلام المخلصين والصادقين والجادين، والذين لن يدخروا وسعاً في الدفاع عن كرامة هذا البلد وعزة أهله، والحفاظ على مكتسباته ضد المعتدي.
البحرين لن تكون إلا البحرين، لأنها من بحر التاريخ استلهمت أثرها، ومن عين عذارى أخذت عذوبتها، ومن سمات القيم الرفيعة ارتفعت هامتها وشمخت ورسخت.
البحرين ستطيح كل المؤامرات والدسائس، وستبقى في الخليج العربي نخلة وارفة الظلال، ثرية بقوة قيادتها ونخوة شعبها.