علي ابو الريش
ونحن نصيغ السمع، وننصت لمن يرفعون البوح عالياً، نحو الولاء والانتماء، نتمنى أن يصير الإحساس، نحو انجاز حقيقي لمشاعر ترتب نفسها باتجاه كل ما يحقق لهذا الوطن من أمن مستقبلي.. اليوم عندما تمر في الشارع، وتجد بعض المتهورين، يسوقون مشاعرهم، نحو ثغرات مخلة ومزلزلة لحقوق الوطن على كل مواطن ومقيم، فلا يمكن أن تفرق بين السلوك والشعارات، ولا يمكن أن نغض الطرف عمن يتجاوز حدود المنطق عندما يهدر مالاً عاماً، أو يتعدى على نظافة طريق أو يتخطى إشارة مرورية ليسفر ذلك عن ضحايا وخسائر مادية.
فالانتماء سلوك حضاري، ووعي بأهمية المنجز الحضاري الذي يتمتع به الوطن والحفاظ على المكتسبات، واعتبارها دائماً كما الأملاك الخاصة.. فالبعض قد يصفق ويغني للوطن، ويذهب بمشاعره إلى أبعد الحدود ولكن عندما نلامس سلوكه نجده كمن يقولون ما لا يفعلون، ومن يسلكون طريقاً شائكاً في التعامل، مع الممتلكات العامة، وهذا ما يؤكد أن حقيقة الانتماء تبدأ بالوعي، بما يحيط بنا من منجزات حققها الوطن وسهرت عليه عقول وتعبت قلوب، فالذي يهدر الثروة المائية، والذي يلقي بمحارم الورق في الطرقات وعند النواصي، والذي يقف عرضاً وطولاً بسيارته في المواقف ويزاحم الآخرين، والذي يتساهل في أداء واجبه الوظيفي، والذي يتعامل مع اليوم الدراسي، كمن ذاهب إلى نزهة، والذي يعكر صفو الآخرين في الأماكن العامة، والذي يقود مركبته بسرعة فائقة، كل هؤلاء ينتمون إلى فئة الخارجين على القانون، ومن يخرج على القانون، يتحدى قيم الوطن، ومن يتحدى قيم الوطن إنسان تبرأ من مسؤولياته تجاه الأرض التي أوته واحتوته واحتضنته، وجعلته كائناً بشرياً يستحق الحياة، ومن يتبرأ من هذه المسؤولية، فإنه يدحض كل ما أفضت به أوتاره الصوتية، وادعائه بالحب لهذا الوطن.. فالانتماء سلوك قبل كل شيء، والانتماء ينبع من شخصية منسجمة متوائمة، لا تعاني من الازدواجية والشيزوفرينيا.. الانتماء نقطة الوعي المضيئة التي تكشف عن أنوارها ساعة الاحتكام إلى الواقع.
الانتماء لا يحتمل أكثر من شخصيتين في شخص واحد، لأنه الصراط المستقيم الذي يميز أهل النعيم من أهل الجحيم.