علي أبو الريش
نستعيذ بالله، عندما نسمع عن الإرهاب، لأنه مرتبط بالحقد كرباط النار بالحطب.. فالإرهاب لم ينشأ من ضنك اقتصادي، ولا من محنة اجتماعية، بقدر ما هو شخص تفرغت أناه من مسحوق الحب السحري، وبالتالي تكون هذا الكيان الشائع لأن البعض جهل مفهوم الحب، كما تجهل السمكة، تعريف المحيط.. فلو أنك سألت سمكة كيف يبدو البحر، ستقول: إنه هنا - إنه هناك، إنه في كل مكان، ولكن التوصيف الحقيقي للبحر لن تعرفه السمكة، وكذلك الكثير من الناس، يعيشون الحياة ويذهبون كما تذهب الفراشات الصغيرة باتجاه ضوء السراج ولا تعرف أن داخل الزجاجة الشفيفة تسكن النار التي تقضي على كل شيء، وبالتالي يهلكون وتدية ذواتهم في محيطات ملتهبة، لا يعلمون أنهم يحبون ولكن ماذا يحبون، إنهم يحبون ذواتهم بعد أن تورمت وصارت كتلة من جحيم، تحرق الأخضر واليابس.. فالإرهاب هو من هذا النوع من البشر، أحب نفسه وتماثل مع الحقد، وصار يسعى بكل جهد إلى تدمير الآخر لأنه فهم الحب على أنه الأنانية، والانطواء حول الذات، والتفورق الآخر وكرهه.. الإرهاب لا يستطيع أن يجمع بين ذاتين، «الأنا والآخر، ولو فكر في ذلك، سيشعر بالأذى، ويحس بالتدمير، لأن ذاته في هذه الحالة تتلاشى وتضمر وتنتهي إلى لا شيء.. إنه أشبه بشجرة «الداماس» التي تطوي عروقها على الأشجار الأخرى، وتمتص ماءها، لأنها لا تستطيع العيش مع شجرة أخرى مجاورة، بل تشعر بالأسى، ولا تنمو وتتفرع أغصانها إلا عندما تقضي على ما حولها من أشجار فتبدو في هذه الحالة، ضخمة، وواسعة، ومتهللة ترفرف في الفضاء منشرحة، فقط لأنها أنهت مشروعها التدميري ضد الآخر.. هكذا هو الإرهاب، يعيش حياته مكرساً كل جهده في الانقباض والانحطاط والشطط ولا يرتاح له ضمير إلا عندما يرى الدماء تسيل من الآخر وعندما يرى الحضارة تنفث دخان الخراب واليباب.