علي أبو الريش
عندما تسيح المبادئ تصبح مثل الماء المهدور في أرض بطحاء تصير الدول كائنات مائية تالفة، وتصبح المواقف مزدحمة بالكذب والافتراء، والعالم يتحول إلى غابة موحشة..
روسيا الدولة القارة، تنهض من سبات يلستين، لتستيقظ على أطماع مبعثها خيال جم، وأوهام لا تؤدي إلى الغام.. والتحالف الروسي الإيراني أو هكذا كما سماه المحللون جاء ليدير اللعبة السورية، بعباءة سوداء، وعمامة تخفي تحت قماشتها أسرار الباطنية والتقية التي قد لا يعرفها بوتين، رغم كل حذاقته ونباهته، لأن الحلم الإيراني يختلف اختلافاً جذرياً عن أحلام القيصرية الروسية، ففي روسيا سياسة مدفوعة بحلم المقارعة مع الدولة الأعظم «أميركا»، وهي المقارعة الموسومة بأبعاد استراتيجية ربما لا تستطيعها روسيا، لكنها عندما حشر القط في أوكرانيا كان لا بد من الفرار من القفص والاتجاه إلى أي مكان، فإذا بسوريا في الطريق، حيث تلاقت هذه «العواطف» الروسية مع المشاعر السوداوية الإيرانية، والتي تدعمها أوهام قراقوش التاريخية، وما كان من روسيا إلا أن «تتعمم» وترتدي العباءة السوداء إيذاناً ببدء تحالف غير محسوب بالنسبة لروسيا، ومرسوم بخط اليد وبصمة العين بالنسبة لإيران التي كذبت وكذبت وصدقت الكذبة، واعتنقت فكرة أنها يمكن أن تصير دولة عظمى في المنطقة على الرغم من الفقر المدقع الذي طال أكثر من أربعين في المائة من الشعب الإيراني، وكذلك الأمية، ولأن شيطان داعش سكن الأرض السورية صار بالإمكان للمعمم وغيره من أن يطأ أرض سومر، ومرقد أبو العلاء المعري، وكما يقال «المال السايب يعلم السرقة».
وها هي سوريا، التراب المباح، والعرض المستباح لكل من له أحلام تؤرق مضجعه، ولكل من يريد أن يفرد العضلات في ظل معارضات مريضة ونظام استبدادي وعرب متفرجين لا غير واستمراراً لهذا الوضع المزري، تعمم روسيا ولبست العباءة السوداء وشدت الرحال باتجاه سوريا بغية الولاء لمن ليس له ذمة ولا ضمير، ومن اعتدى على الصحابة وكال السباب على زوجات النبي الكريم لن يثنيه ضميره الخرب عن سفك دماء البشر تحت ذرائع ومبررات واهية، ولن يخفي عداءه لكل ما هو عربي لأن العروبة تشكل عظماً في البلعوم، لكل شوفيني وعنصري وعرقي.