بقلم : علي ابو الريش
الطريق الأكثر أماناً هو عدم القيام بشيء ضد الضمير، فهذا يجعل الإنسان يعيش بسعادة، وبلا خوف «فولتير».
عندما نقرأ ما يحدث في صلب وسائل التواصل الاجتماعي نشعر أن هناك خوفا ما يتخلل وراء كل تغريدة، وأن هناك قلقا ما يساور كل مغرد، وأن هناك رغبة جامحة من مغرد للهروب من شيطان ما يسكن خلف جدران موقعه، وذلك عندما يقف مغرد، متصدياً لمغرد آخر، ويبدأ في القذف، والنزف، والعزف على أوتار متهالكة، فإن هذا الحدب يدل أن هناك مشكلة ما تطوق عنق هذا المغرد، وذاك، وأن هذه المشكلة تؤرق منام المغرد، وتقض مضجعه.
ماهي المشكلة؟ هي مشكلة القدرات، وهي مشكلة العجز الداخلي، الذي يعاني منه المغرد، مشكلة في تاريخ النشأة، وفي علاقة هذا المغرد بواقعه، وأناسه، ومحيطه الاجتماعي.
المغرد الذي يحمل سلاحه، ويذهب إلى مصارعة مغرد آخر، ويبدأ في نبش القبور، إنما هو يفعل ذلك ليثبت للآخرين أنه كائن من صنف الكائنات الأرية، نقية العرق، واللون، والدين، ويفعل ذلك ليروغ عن نفسه بقايا صدأ تاريخي، مريب، وغريب، وعجيب، ومهيب، ورهيب، ويدفع عن نفسه أيضاً كل ما قد يجعله جواداً أعرج لا يستطيع مواكبة السباق الاجتماعي باتجاه الرايات العالية.
نماذج مختلفة، وأشكال متنوعة، وصور عديدة تدخل منازل هذه المواقع، فتشيع فزعاً في النفوس عندما تجد أشخاصاً أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي هي مهبطهم، وهي مرتفعهم وهي حلهم، وهي ترحالهم وهي لغتهم في التخاطب مع الآخر، ولكنها لغة مشوبة بهذيان ما قبل النوم، وتيهان في غضون اللاوعي، وبهتان نفس ضاع منها البرهان.
بقعة سوداء تسكن الضمير، وتشيع فساداً في الأفعال، والأعمال، وتضع كل من فقد الضمير يلاحق ذبابة حائرة في فنجان قهوة باردة، ويستمر في الملاحقة، ويستمر في الركض خلف ظلال طيور تحلق في الفضاء، ولا حول ولا قوة غير إطلاق رصاصة الرحمة، على الضمير والخروج من كل الهلوسات، بتعابير مسيئة للمغرد نفسه قبل أن يسيء إلى مجتمعه.
في المحصلة نصل إلى أن المسألة مسألة ضمير، وعندما يختبئ الضمير في معطف النسيان والتجاهل، فإن كل القضايا تصبح بلا أهمية، ما عدا قضية المغرد، الذي يهوى صعود الجبال على حساب الوطن، وعلى أكتاف قضاياه الجوهرية.