بقلم : علي ابو الريش
من يتابع التصريحات الغربية حول مواجهة العجرفة الإيرانية يصاب بالخبل، ولا يستطيع الخروج من فقاعاتها إلا بمزيد من الزبد، ورغوة الصابون التالفة.
من يستمع إلى كلام السياسيين في تلك البلدان يشعر أنه أمام أمواج متكسرة على شطآن صخرية، ومن يستمع إلى هذا الضجيج الإعلامي يشعر وكأن العالم سوف يواجه دولة عظمى لديها من أسباب الصمود أمام القوى الغربية، ما يجعلها مهابة الجانب، وأنها قوة جبارة لا يمكن أن تقهر.
وقد استغلت إيران هذا التهدج الغربي، وهذا التردد في الرد على العبثية، وتمادت في نشر قصاصاتها الورقية في مياه الخليج العربي، وعربدت بشكل يثير الشك في كل ما تنتجه الآلة الإعلامية الغربية من ألوان قوس قزح والسحابات الصيفية، التي أغرت إيران، وجعلتها تصدق أنها دولة استثنائية في العالم لا أحد يستطيع ردعها، ولا كبح جماحها، ولا إسكات أبواقها الخرافية.
إيران تواجه العالم بصوت جهور، ونبرة استعلائية لا مثيل لها في التاريخ، والدول الغربية، تارة تزبد، وتارة تلحس زبدها، وتنكفئ مثل قوقعة في محارة الخوف من المساس بهذه الدولة التي اتخذت من مياه الخليج العربي ملعبا للشطرنج، وساحة مفتوحة لاستعراض العضلات، بينما الدول الغربية تتنازع فيما بينها، أي منها له اليد الطولى في الوصول إلى نهاية غير مفزعة. فلا أحد يستطيع التنبؤ بما ستؤول إليه هذه المفرقعات التي ملأت الأسماع ولم تقنع العقول.
لا أحد يستطيع أن يصدق أن ما يحدث في مياه الخليج العربي، ليس إلا لعبة كرتونية، الهدف منها نفخ الأبواق، وتسمين الخراف الجائعة.
فعندما تقول إيران على لسان الحرس الثوري، إن أمن الخليج العربي، مسؤولية إيرانية بامتياز، وعلى الجميع أن يسمعوا ويعوا، فهذه تصريحات تنم عن قناعة ليس بقوة إيران، وإنما بضعف الموقف العالمي إزاء تصريحات لا تنم إلا عن فكر لا يمت إلى الدولة العصرية بصلة، وإنما هو فكر عصابات المافيا، وقطاع الطرق، وقراصنة البحار.
ما يحدث من ردود فعل غربية لا يعبر إلا عن فكر براجماتي حقيقي، النفعية فيه فوق كل اعتبار، والمصلحة في مقدمة كل خطوة تخطوها هذه الدول، الأمر الذي يجعل من الثقة في الأقوال، ليس أكثر من الاتكاء على جدار مهشم.
إيران تهدد وتتوعد، وترعد، وتزبد، والعالم يقف متفرجاً أمام كارثة ملاحية تهدد اقتصاد العالم، وقد توقف مجرى الحياة في هذه الرئة التي تسمى مضيق هرمز.
وكلما ناخت الإرادة العالمية انبهرت إيران بألعابها البهلوانية، واتسعت حركاتها في السيرك، لتقنع شعبها المغلوب على أمره بأنها تواجه الحصار الاقتصادي بمزيد من القوة العسكرية، وهكذا تكبر الكذبة، كلما كبر الجليد في الرد الغربي على السلوك الإيراني الجانح إلى الإفراط في العنجهية.